استكشاف حضارة مفقودة في الفضاء

استكشاف حضارة مفقودة في الفضاء

استكشاف حضارة مفقودة في الفضاء


فِي المُسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ، حِينَما تَجَاوَزَتِ الْبَشَرِيَّةُ حُدُودَ الأَرْضِ إِلَى الفَضَاءِ الْعَمِيقِ، بَدَأَتْ اسْتِكْشَافَ عَوَالِمَ مَجْهُولَةٍ تَفِيضُ بِالْغَرَابَةِ وَالْجَمَالِ. عَلَى سَطْحِ كَوْكَبٍ نَائِيٍّ وَقَاحِلٍ، وَقَفَ رَائِدُ الْفَضَاءِ مَارْك بِجَانِبِ حُفْرَةٍ عَمِيقَةٍ، يَحْمِلُ جِهَازَ مَسْحٍ يَشِعُّ بِالضَّوْءِ الأَزْرَقِ، حَيْثُ كَانَ هَذَا الْجِهَازُ أَدَاةً لِاكْتِشَافِ أَعْمَاقِ الْكَوْكَبِ الْمَجْهُولِ.
كَانَ مَارْك يُرْسِلُ بَيَانَاتِهِ مُبَاشَرَةً إِلَى السَّفِينَةِ الْفَضَائِيَّةِ الَّتِي تَدُورُ حَوْلَ الْكَوْكَبِ. دَاخِلَ مَرْكَزِ التَّحَكُّمِ بِالسَّفِينَةِ، كَانَتِ الدُّكْتُورَةُ لِيزَا تَعْمَلُ دُونَ كَلَلٍ لِتَحْلِيلِ هَذِهِ الْبَيَانَاتِ. فَجْأَةً، تَصْفِرُّ بِدَهْشَةٍ، حَيْثُ التَقَطَتْ إِشَارَاتٍ تَدُلُّ عَلَى وُجُودِ حَيَاةٍ مَجْهُولَةٍ تَحْتَ سَطْحِ الْكَوْكَبِ. ارْتَسَمَتْ عَلَى وَجْهِهَا مَلَامِحُ الْقَلَقِ وَالْحَمَاسِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، لأَنَّهَا عَرَفَتْ أَنَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ بَدَايَةَ اكْتِشَافٍ يُغَيِّرُ مَصِيرَ الإِنْسَانِيَّةِ.
اجْتَمَعَ الفَرِيقُ بِقِيَادَةِ الْقُبْطَانِ جُون، حَيْثُ تَقَرَّرَ اسْتِكْشَافُ مَصْدَرِ الإِشَارَةِ الْغَامِضَةِ. امْتَلَأَ الْجَوُّ بِمَزِيجٍ مِنَ التَّوَتُّرِ وَالتَّوَقُّعَاتِ، فَالْعُثُورُ عَلَى حَيَاةٍ ذَكِيَّةٍ قَدْ يَكُونُ حَدَثًا فَرِيدًا فِي التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ. الْمَرْكَبَةُ تَسْتَعِدُّ لِلْهُبُوطِ عَلَى سَطْحِ الْكَوْكَبِ، وَالْفَرِيقُ يُجَهِّزُ مَعِدَّاتِهِ الْعِلْمِيَّةَ وَالأَدَوَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ الاحْتِمَالَاتِ.


عِنْدَمَا وَصَلَ الفَرِيقُ إِلَى مَوْقِعِ الإِشَارَةِ، وَجَدُوا مَدْخَلًا غَرِيبًا مَنْحُوتًا عَلَى جَانِبِ جَبَلٍ شَاهِقٍ. كَانَ الْمَدْخَلُ مُزَيَّنًا بِنُقُوشٍ دَقِيقَةٍ بَدَتْ وَكَأَنَّهَا لُغَةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ. فَجْأَةً، انْفَتَحَ الْبَابُ بِصَوْتٍ عَمِيقٍ، وَأَضَاءَ ضَوْءٌ سَاطِعٌ الدَّاخِلَ، كَأَنَّهُ يَدْعُوهُمْ لاكْتِشَافِ مَا وَرَاءَهُ. دَخَلَ الفَرِيقُ بِحَذَرٍ، عُيُونُهُمْ تَتَجَوَّلُ بَيْنَ تَفَاصِيلِ الْكَهْفِ.
دَاخِلَ الْكَهْفِ، صُدِمَ الفَرِيقُ بِمَنْظَرِ مَدِينَةٍ مُدَمَّرَةٍ غَارِقَةٍ فِي الصَّمْتِ، لَكِنَّهَا مَلِيئَةٌ بِالآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ. الْمَبَانِي كَانَتْ شَاهِقَةً وَمُصَمَّمَةً بِتِقْنِيَّاتٍ مِعْمَارِيَّةٍ مُتَطَوِّرَةٍ تَدُلُّ عَلَى حَضَارَةٍ كَانَتْ مُزْدَهِرَةً يَوْمًا مَا. بَيْنَمَا كَانُوا يَتَجَوَّلُونَ، وَاجَهُوا رُوبُوتًا قَدِيمًا لا يَزَالُ يَعْمَلُ، يَقِفُ كَحَارِسٍ لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ الْمُدَمَّرَةِ.
بَدَأَ الرُّوبُوتُ يَتَحَدَّثُ بِلُغَةٍ غَامِضَةٍ، لَكِنَّ الفَرِيقَ نَجَحَ فِي تَرْجَمَةِ كَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ: "خَطَرٌ... حِمَايَةٌ... إِنْقَاذٌ". أَثَارَ ذَلِكَ فُضُولَهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِلتَّوَغُّلِ أَكْثَرَ. وَجَدُوا أَنْظِمَةَ طَاقَةٍ مُعَطَّلَةً وَأَجْهِزَةً مُتَقَدِّمَةً تَعَرَّضَتْ لِلدَّمَارِ. أَظْهَرَتِ التَّحْلِيلَاتُ أَنَّ الْمَدِينَةَ تَعَرَّضَتْ لِكَارِثَةٍ مُدَمِّرَةٍ، رُبَّمَا كَانَتِ السَّبَبَ فِي اخْتِفَاءِ سُكَّانِهَا.
بَيْنَ الأَنْقَاضِ، عَثَرَ الفَرِيقُ عَلَى أَرْشِيفٍ رَقْمِيٍّ يَحْتَوِي عَلَى تَارِيخِ هَذِهِ الْحَضَارَةِ. عِنْدَمَا بَدَؤُوا فِي قِرَاءَةِ الأَرْشِيفِ، ظَهَرَتْ أَمَامَهُمْ مَشَاهِدُ مِنَ الْمَاضِي، حَيْثُ كَانَتِ الْحَيَاةُ تَعُجُّ بِالنَّشَاطِ وَالِابْتِكَارِ. لَكِنَّهُمْ اكْتَشَفُوا أَنَّ نِزَاعًا دَاخِلِيًّا كَبِيرًا تَسَبَّبَ فِي انْهِيَارِ الْحَضَارَةِ، وَكَانَ السَّبَبُ الرَّئِيسِيُّ هُوَ انْفِجَارٌ كَارِثِيٌّ فِي أَحَدِ مَفَاعِلِ الطَّاقَةِ.


قَامَ الفَرِيقُ بِإِرْسَالِ تَقْرِيرٍ شَامِلٍ إِلَى قِيَادَةِ السَّفِينَةِ عَنْ هَذِهِ الاكْتِشَافَاتِ الْمُهِمَّةِ. فِي مَرْكَزِ التَّحَكُّمِ، كَانَتِ الدُّكْتُورَةُ لِيزَا تَعْمَلُ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْبَيَانَاتِ وَتَحْلِيلِهَا بِتَفَانٍ. قَرَّرَتِ الْقِيَادَةُ الاسْتِمْرَارَ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْحِفَاظِ عَلَيْهَا، لأَنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ قَدْ تُفِيدُ الْبَشَرِيَّةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. بَدَأَ الفَرِيقُ بِتَنْزِيلِ الْمَزِيدِ مِنَ الْبَيَانَاتِ أَثْنَاءَ اسْتِكْشَافِهِمْ لِلْمَدِينَةِ.


أبو ياسر المغربي
أبو ياسر المغربي
تعليقات