المشهد الأول:
فِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّامِنِ ٱلْمِيلَادِيِّ، سَطَعَ نَجْمُ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ كَأَحَدِ أَعْظَمِ ٱلْقَادَةِ ٱلْعَسْكَرِيِّينَ فِي ٱلتَّارِيخِ ٱلْإِسْلَامِيِّ. قَادَ فُتُوحَاتِهِ لِلْأَنْدَلُسِ بِذَكَاءٍ وَشَجَاعَةٍ فَرِيدَةٍ، وَأَسَّسَ لِحَضَارَةٍ ٱسْتَمَرَّتْ لِقُرُونٍ. تِلْكَ ٱلْحَضَارَةُ لَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ تَوَسُّعٍ جُغْرَافِيٍّ، بَلْ مَنْصَّةً ٱنْطَلَقَتْ مِنْهَا ٱلْعُلُومُ وَٱلْفُنُونُ وَٱلتَّسَامُحُ ٱلثَّقَافِيُّ.المشهد الثاني:
وُلِدَ طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ فِي أَحْضَانِ قَبِيلَةٍ أَمَازِيغِيَّةٍ عَرِيقَةٍ بِشِمَالِ أَفْرِيقِيَا. نَشَأَ فِي بِيئَةٍ تَمْزِجُ بَيْنَ ٱلصَّحْرَاءِ وَٱلْجَبَلِ، مَا أَكْسَبَهُ قُوَّةَ ٱلتَّحَمُّلِ وَٱلذَّكَاءِ ٱلْمِيدَانِيِّ. مُنْذُ صِغَرِهِ، كَانَ طَارِقٌ مُحِبًّا لِلْعِلْمِ وَٱلْفِقْهِ، وَكَانَ يَتَلَقَّىٰ تَعْلِيمَهُ فِي مَجَالِسِ ٱلْعُلَمَاءِ، حَيْثُ أَظْهَرَ نُبُوغًا فِي فَهْمِ ٱلدِّينِ وَٱلسِّيَاسَةِ. بِٱلتَّوَازِي مَعَ ذَلِكَ، تَدَرَّبَ عَلَىٰ فُنُونِ ٱلْقِتَالِ وَصَقَلَ مَهَارَاتِهِ ٱلْعَسْكَرِيَّةَ، لِيُصْبِحَ قَائِدًا مُمَيَّزًا فِي شَبَابِهِ.المشهد الثالث:
فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ، كَانَتْ شِبْهُ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلْأَيْبِيرِيَّةِ تَعِيشُ تَحْتَ حُكْمِ ٱلْقُوطِ ٱلْغَرْبِيِّينَ، ٱلَّذِينَ كَانُوا يُوَاجِهُونَ ٱضْطِرَابَاتٍ دَاخِلِيَّةً وَصِرَاعَاتٍ عَلَىٰ ٱلسُّلْطَةِ. قَامَ بَعْضُ ٱلْقَادَةِ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ مِنْ دَاخِلِ ٱلْقُوطِ بِٱلتَّوَاصُلِ مَعَ ٱلْمُسْلِمِينَ لِطَلَبِ ٱلْمُسَاعَدَةِ فِي ٱلْإِطَاحَةِ بِخُصُومِهِمْ. وَجَدَ مُوسَىٰ بْنُ نُصَيْرٍ، وَالِي أَفْرِيقِيَا ٱلشَّمَالِيَّةِ، فِي هَذَا ٱلطَّلَبِ فُرْصَةً سَانِحَةً لِتَوْسِيعِ رُقْعَةِ ٱلْإِسْلَامِ، فَأَرْسَلَ طَارِقَ بْنَ زِيَادٍ عَلَىٰ رَأْسِ جَيْشٍ صَغِيرٍ لَكِنَّهُ مُنَظَّمٌ وَمُحْكَمُ ٱلتَّدْرِيبِ.المشهد الرابع:
فِي عَامِ 711م، عَبَرَ طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ ٱلْبَحْرَ ٱلْمُتَوَسِّطَ بِجَيْشِهِ ٱلصَّغِيرِ نَحْوَ ٱلْأَنْدَلُسِ. كَانَتِ ٱلرِّحْلَةُ مَحْفُوفَةً بِٱلْمَخَاطِرِ، حَيْثُ وَاجَهَتِ ٱلْقُوَّاتُ تَحَدِّيَاتِ ٱلطَّبِيعَةِ وَظُرُوفَ ٱلْبَحْرِ. عِنْدَمَا وَصَلُوا إِلَىٰ ٱلشَّوَاطِئِ ٱلْإِسْبَانِيَّةِ، وَقَفَ طَارِقٌ بِجَانِبِ جَبَلٍ شَاهِقٍ يُطِلُّ عَلَىٰ ٱلْبَحْرِ، قَرَّرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا ٱلْمَكَانُ نُقْطَةَ ٱنْطِلَاقِهِ. لَاحِقًا، أُطْلِقَ عَلَيْهِ ٱسْمُ "جَبَلِ طَارِقٍ" تَخْلِيدًا لِهَذِهِ ٱللَّحْظَةِ ٱلتَّارِيخِيَّةِ.المشهد الخامس:
بَعْدَ ٱسْتِقْرَارِ قُوَّاتِهِ، وَاجَهَ طَارِقٌ جَيْشَ ٱلْقُوطِ بِقِيَادَةِ ٱلْمَلِكِ رُودْرِيكَ فِي مَعْرَكَةٍ حَاسِمَةٍ عُرِفَتْ بِمَعْرَكَةِ وَادِي لَكَّةَ. رَغْمَ قِلَّةِ عَدَدِ ٱلْمُسْلِمِينَ مُقَارَنَةً بِجَيْشِ ٱلْقُوطِ ٱلْكَبِيرِ، أَلْقَىٰ طَارِقٌ خُطْبَتَهُ ٱلتَّارِيخِيَّةَ ٱلشَّهِيرَةَ ٱلَّتِي قَالَ فِيهَا: "ٱلْبَحْرُ مِنْ وَرَائِكُمْ وَٱلْعَدُوُّ أَمَامَكُمْ." كَانَتْ هَذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ كَفِيلَةً بِإِلْهَامِ ٱلْجُنُودِ وَشَحْذِ هِمَمِهِمْ لِتَحْقِيقِ ٱلنَّصْرِ.المشهد السادس:
ٱنْدَلَعَتِ ٱلْمَعْرَكَةُ بِشَرَاسَةٍ، وَٱسْتَمَرَّتْ لِأَيَّامٍ. كَانَ طَارِقٌ يَقُودُ جَيْشَهُ بِحِكْمَةٍ وَدَهَاءٍ، مُسْتَخْدِمًا تَكْتِيكَاتٍ عَسْكَرِيَّةً مُتَطَوِّرَةً. تَمَكَّنَ ٱلْمُسْلِمُونَ مِنْ هَزِيمَةِ جَيْشِ ٱلْقُوطِ وَتَحْقِيقِ ٱنْتِصَارٍ سَاحِقٍ، فَتَحُوا بِهِ أَبْوَابَ ٱلْأَنْدَلُسِ أَمَامَهُمْ. كَانَ هَذَا ٱلِانْتِصَارُ بَدَايَةَ سِلْسِلَةٍ مِنَ ٱلْفُتُوحَاتِ ٱلَّتِي غَيَّرَتْ وَجْهَ ٱلتَّارِيخِ.المشهد الأخير:
تَعَلَّمْنَا مِنْ قِصَّةِ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ ٱلشَّجَاعَةَ وَٱلْقِيَادَةَ ٱلْحَكِيمَةَ يُمْكِنُهُمَا تَحْقِيقُ ٱلْمُسْتَحِيلِ.تعليقات