التلميذ العصامي
في قرية صغيرة على أطراف المدينة، عاش ياسين، فتى طموح يتيم الأبوين، نشأ في منزل جدته العجوز التي كانت بالكاد تستطيع توفير قوت يومها. لم يكن لياسين رفاهية امتلاك كتب مدرسية جديدة أو حتى ملابس أنيقة كأقرانه، لكنه كان يملك شيئًا أعظم: الإرادة والعزيمة.
الطريق إلى العلم
كان ياسين يسير كل يوم عدة كيلومترات للوصول إلى مدرسته، حيث يجلس في المقاعد الخلفية لأنه لم يكن يملك كتبًا حديثة، وكان يعتمد على تدوين كل ما يقوله المعلم. لم تكن الظروف في صالحه، لكن شغفه بالعلم جعله يتفوق على كثير من زملائه، حتى أن معلمه الأستاذ نبيل لاحظ اجتهاده وقرر مساعدته، فأعطاه بعض الكتب القديمة التي لم يكن يحتاجها بعد الآن.
لم تكن الدراسة وحدها تكفي، فبعد انتهاء الدوام المدرسي، كان ياسين يعمل في متجر صغير في السوق ليكسب بعض المال، يساعد جدته، ويوفر بعض المال لشراء الأدوات المدرسية التي يحتاجها. لم يكن العمل سهلاً، لكنه لم يشكُ يومًا، بل كان يبتسم دومًا، مؤمنًا بأن التعب اليوم هو مفتاح النجاح غدًا.
التحديات لا تنتهي
في أحد الأيام، مرضت جدته بشدة، ولم يكن لديه المال الكافي لشراء الدواء، فاضطر إلى العمل لساعات أطول، ما جعله يعود إلى المنزل منهكًا، بالكاد يجد وقتًا للدراسة. لاحظ المعلم نبيل ذلك، فقرر مساعدته عبر تنظيم حملة بين زملائه في المدرسة لجمع المال اللازم لعلاج الجدة. عندما علم ياسين بذلك، لم يتمالك دموعه، فقد شعر لأول مرة أن هناك من يهتم به.
النجاح الذي لم يتوقعه أحد
مرت السنوات، واستطاع ياسين بفضل اجتهاده أن يكون الأول على مدرسته، ما أهّله للحصول على منحة دراسية في إحدى الجامعات الكبرى. كان هذا الحلم يبدو مستحيلاً في السابق، لكنه تحول إلى حقيقة بفضل إرادته القوية.
بعد سنوات من الدراسة والعمل الجاد، أصبح ياسين طبيبًا ناجحًا، وعاد إلى قريته ليؤسس مستوصفًا يساعد فيه الفقراء والمحتاجين، تمامًا كما كان يأمل حينما كان طفلاً. وأصبحت قصته مصدر إلهام لكل من يظن أن الفقر أو الظروف الصعبة قد تكون حاجزًا أمام تحقيق الأحلام.
"ليس الفقر عائقًا أمام النجاح، بل العائق الحقيقي هو الاستسلام." – ياسين