الْفَتَاةُ وَالْمِرْآةُ السِّحْرِيَّةُ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: الْفَتَاةُ الطَّيِّبَةُ
فِي زَمَنٍ بَعِيدٍ، فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ تُحِيطُ بِهَا الْغَابَاتُ الْكَثِيفَةُ وَتَتَدَفَّقُ بِجَانِبِهَا الْأَنْهَارُ الْجَارِيَةُ، عَاشَتْ فَتَاةٌ تُدْعَى "لِينَا". كَانَتْ فَتَاةً طَيِّبَةَ الْقَلْبِ، دَائِمًا تُسَاعِدُ النَّاسَ، وَتُعْمِلُ يَدَيْهَا فِي خُبْزِ الْكَعْكِ اللَّذِيذِ فِي مَتْجَرِ وَالِدَتِهَا الصَّغِيرِ. وَلَكِنْ، وَبِرَغْمِ كُلِّ ذَلِكَ، كَانَتْ دَائِمًا تَشْعُرُ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا يُمَيِّزُهَا، وَأَنَّهَا مُجَرَّدُ فَتَاةٍ عَادِيَّةٍ جِدًّا.
الْفَصْلُ الثَّانِي: الِاكْتِشَافُ الْغَامِضُ
فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، بَيْنَمَا كَانَتْ لِينَا تَجُوبُ الْغَابَةَ بَعْدَ يَوْمٍ شَاقٍّ فِي الْمَتْجَرِ، وَإِذْ بِهَا تُصَادِفُ مَنْزِلًا قَدِيمًا، مُحَاطًا بِأَغْصَانِ الْأَشْجَارِ الْعَتِيقَةِ. كَانَ الْمَنْزِلُ مَغْلَقًا، لَكِنَّ بَابَهُ كَانَ مَفْتُوحًا قَلِيلًا، فَدَفَعَتْهُ بِحَذَرٍ وَتَسَلَّلَتْ إِلَى الدَّاخِلِ.
وَإِذَا بِهَا تَرَى غُرْفَةً وَاسِعَةً، مُزَيَّنَةً بِكُتُبٍ قَدِيمَةٍ وَصَنَادِيقَ خَشَبِيَّةٍ مُغْلَقَةٍ، وَفِي زَاوِيَةِ الْغُرْفَةِ وَجَدَتْ مِرْآةً كَبِيرَةً، تُشِعُّ بِضَوْءٍ أَزْرَقَ غَامِضٍ.
اِقْتَرَبَتْ مِنَ الْمِرْآةِ، وَنَظَرَتْ إِلَيْهَا، فَإِذَا بِهَا تَسْمَعُ صَوْتًا هَادِئًا يَخْرُجُ مِنْهَا، يَقُولُ: أَهْلًا بِكِ، لِينَا! أَنَا الْمِرْآةُ السِّحْرِيَّةُ، وَسَوْفَ أُرِيكِ مَا لَا يَرَاهُ أَحَدٌ سِوَاكِ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: الْمُفَاجَأَةُ الْكُبْرَى
اِنْدَهَشَتْ لِينَا، وَأَحَسَّتْ بِقَلْبِهَا يَخْفِقُ بِقُوَّةٍ، فَقَالَتْ بِصَوْتٍ مُرْتَعِشٍ: كَيْفَ تَعْرِفِينَ اسْمِي؟!
فَأَجَابَتِ الْمِرْآةُ بِحِكْمَةٍ: لِأَنَّنِي لَسْتُ مِرْآةً عَادِيَّةً، بَلْ أَعْكِسُ الْحَقِيقَةَ الْخَفِيَّةَ دَاخِلَ كُلِّ إِنْسَانٍ! انْظُرِي جَيِّدًا.
نَظَرَتْ لِينَا مَرَّةً أُخْرَى، وَفَجْأَةً، لَمْ تَرَ وَجْهَهَا الطَّبِيعِيَّ، بَلْ رَأَتْ نَفْسَهَا تَرْتَدِي ثِيَابَ الْمُلُوكِ، وَتَحْمِلُ تَاجًا مُرَصَّعًا بِالْأَحْجَارِ الْكَرِيمَةِ، وَحَوْلَهَا النَّاسُ يُصَفِّقُونَ لَهَا بِفَرَحٍ! مَاذَا يَعْنِي هَذَا؟! هَلْ سَأُصْبِحُ مَلِكَةً يَوْمًا مَا؟!
فَأَجَابَتِ الْمِرْآةُ بِصَوْتٍ دَافِئٍ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنْ تَكُونِي مَلِكَةً بِالتَّاجِ وَالْعَرْشِ، بَلْ أَنْ تَكُونِي قَائِدَةً حَقِيقِيَّةً فِي حَيَاتِكِ. أَنْتِ تَمْلِكِينَ الْحِكْمَةَ وَالْقُدْرَةَ عَلَى إِحْدَاثِ التَّغْيِيرِ، وَعَلَيْكِ أَنْ تُؤْمِنِي بِنَفْسِكِ.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: التَّغْيِيرُ وَالنَّجَاحُ
عَادَتْ لِينَا إِلَى قَرْيَتِهَا وَهِيَ تَشْعُرُ بِالْإِصْرَارِ، وَبَدَأَتْ فِي تَحْوِيلِ مَتْجَرِ الْخُبْزِ الصَّغِيرِ إِلَى مَخْبَزٍ كَبِيرٍ، يُعَلِّمُ الْأَطْفَالَ فَنَّ صِنَاعَةِ الْكَعْكِ. وَبِمُرُورِ الْأَيَّامِ، أَصْبَحَتْ أَكْثَرَ فَتَاةٍ مُلْهِمَةً فِي الْقَرْيَةِ، وَجَاءَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ لِيَتَعَلَّمُوا مِنْهَا.
وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كَانَتْ تَشْعُرُ بِالضَّعْفِ، كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى الْمِرْآةِ، وَتَرَى نَفْسَهَا مَرَّةً أُخْرَى كَمَلِكَةٍ، فَتُدْرِكُ أَنَّ الْقُوَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَكْمُنُ فِي الشَّكْلِ أَوِ الثَّرَاءِ، بَلْ فِي الْإِيمَانِ بِالنَّفْسِ وَالْعَمَلِ الْجَادِّ!
الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ
📖 إِذَا آمَنْتَ بِقُوَّتِكَ الدَّاخِلِيَّةِ، فَسَوْفَ تُغَيِّرُ الْعَالَمَ مِنْ حَوْلِكَ.