الطريق الى القمة
فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مُحَاطَةٍ بِالجِبَالِ الشَّامِخَةِ وَالغَابَاتِ الكَثِيفَةِ، عَاشَ شَابٌّ يُدْعَى "عُمَرُ". كَانَ فَتًى طَمُوحًا، يَحْلُمُ أَنْ يُصْبِحَ مُتَسَلِّقَ جِبَالٍ مَشْهُورًا، وَيُسَجِّلُ اسْمَهُ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ بَيْنَ العُظَمَاءِ. لَكِنَّ الطَّرِيقَ إِلَى القِمَّةِ لَمْ يَكُنْ مَفْرُوشًا بِالوُرُودِ، بَلْ كَانَ مَحْفُوفًا بِالصِّعَابِ وَالمَخَاطِرِ.
الْبِدَايَةُ: حُلْمٌ فِي صِغَرِهِ
كَانَ عُمَرُ فِي صِغَرِهِ يُحِبُّ مُشَاهَدَةَ المُتَسَلِّقِينَ وَهُمْ يَتَحَدَّوْنَ المَخَاطِرَ لِيَصِلُوا إِلَى قِمَمِ الجِبَالِ. كَانَ يَقِفُ عَلَى أَطْرَافِ قَرْيَتِهِ، وَيَنْظُرُ إِلَى الْجَبَلِ العَالِي الَّذِي يَسْتَقِرُّ فِي الأُفُقِ، وَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ:
— "يَوْمًا مَا، سَأَكُونُ أَعْلَى مِنْهُ!"
كَبُرَ عُمَرُ، وَظَلَّ هَذَا الحُلْمُ يَكْبُرُ مَعَهُ. لَكِنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنَ النَّاسِ فِي قَرْيَتِهِ كَلَامًا يُثْبِطُ عَزِيمَتَهُ:
— "يَا بُنَيَّ، تَسَلُّقُ الجِبَالِ لَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ!"
— "إِنَّهُ حُلْمٌ مُسْتَحِيلٌ، عُدْ إِلَى وَاقِعِكَ!"
وَلَكِنَّهُ لَمْ يُعِرِ اسْتِهْزَاءَهُمُ اهْتِمَامًا، وَكَانَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ:
— "إِنْ لَمْ أُؤْمِنْ بِنَفْسِي، فَلَنْ يُؤْمِنَ أَحَدٌ بِي!"
الْبِدَايَةُ الحَقِيقِيَّةُ: أَوَّلُ خُطُوَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ
فِي أَحَدِ الأَيَّامِ، قَرَّرَ عُمَرُ أَنْ يَبْدَأَ تَدْرِيبَاتِهِ فِي تَسَلُّقِ الجِبَالِ. كَانَ يَسْتَيْقِظُ فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ كُلَّ صَبَاحٍ، وَيَتَدَرَّبُ فِي الغَابَةِ، يُحَاوِلُ تَسَلُّقَ الصُّخُورِ وَتَحَمُّلَ قَسْوَةِ الطَّقْسِ.
لَكِنَّ الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ سَهْلًا. فِي أَوَّلِ مُحَاوَلَةٍ لَهُ فِي تَسَلُّقِ جَبَلٍ صَغِيرٍ، سَقَطَ وَجُرِحَتْ رُكْبَتُهُ، وَكَانَ الألَمُ شَدِيدًا. فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَكَادَ يَسْتَسْلِمُ، لَكِنَّهُ تَذَكَّرَ كَلِمَاتِ وَالِدِهِ الَّذِي قَالَ لَهُ يَوْمًا:
— "النَّجَاحُ لَيْسَ لِمَنْ يَصِلُ بِسُهُولَةٍ، بَلْ لِمَنْ يَقُومُ بَعْدَ كُلِّ سُقُوطٍ!"
فَمَسَحَ دُمُوعَهُ، وَنَهَضَ مُجَدَّدًا، وَوَاصَلَ تَدْرِيبَاتِهِ.
اللَّحْظَةُ الْفَارِقَةُ: تَحَدِّي الْجَبَلِ الْكَبِيرِ
بَعْدَ سَنَوَاتٍ مِنَ التَّدْرِيبِ وَالْجِدِّ وَالْمُثَابَرَةِ، قَرَّرَ عُمَرُ أَنْ يُوَاجِهَ أَكْبَرَ تَحَدٍّ فِي حَيَاتِهِ: تَسَلُّقُ الجَبَلِ الشَّاهِقِ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ مُنْذُ صِغَرِهِ!
فِي يَوْمِ المُحَاوَلَةِ، كَانَ الطَّقْسُ بَارِدًا، وَالرِّيَاحُ تَهُبُّ بِقُوَّةٍ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يُوَقِفْ عُمَرَ. بَدَأَ فِي التَّسَلُّقِ بِحَذَرٍ، يُمْسِكُ بِالصُّخُورِ بِقُوَّةٍ، وَيَتَقَدَّمُ خُطُوَةً تِلْوَ الأُخْرَى.
لَكِنَّ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ، هَبَّتْ عَاصِفَةٌ ثَلْجِيَّةٌ، وَكَادَ يَسْقُطُ مِنَ الجَبَلِ، لَكِنَّهُ تَمَسَّكَ بِحَجَرٍ قَوِيٍّ، وَقَالَ لِنَفْسِهِ:
— "لَنْ أَسْقُطَ الآنَ! لَمْ أَصِلْ إِلَى هُنَا لِأَتَخَلَّى عَنْ حُلْمِي!"
فَاصْطَبَرَ وَوَاصَلَ طَرِيقَهُ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى قِمَّةِ الجَبَلِ بَعْدَ سَاعَاتٍ طَوِيلَةٍ.
الْوُصُولُ إِلَى الْقِمَّةِ: حُلْمٌ أَصْبَحَ وَاقِعًا
عِنْدَمَا وَقَفَ عُمَرُ عَلَى القِمَّةِ، نَظَرَ إِلَى الأُفُقِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ بِفَخْرٍ:
— "أَخِيرًا، حَقَّقْتُ حُلْمِي!"
كَانَتْ تِلْكَ اللَّحْظَةُ مِنْ أَسْعَدِ لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ، وَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ تَعَبٍ وَكُلَّ جُهْدٍ لَمْ يَكُنْ سُدًى.
النِّهَايَةُ: دَرْسٌ فِي المُثَابَرَةِ
عَادَ عُمَرُ إِلَى قَرْيَتِهِ وَقَدْ أَصْبَحَ بَطَلًا. أَدْرَكَ أَهْلُ القَرْيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْلُمُ سُدًى، وَتَعَلَّمُوا أَنَّ الْمُثَابَرَةَ وَالْإِصْرَارَ يُمْكِنُهُمَا تَحْقِيقُ أَيِّ شَيْءٍ!
📖 الدَّرْسُ المُسْتَفَادُ:
"لَا يَصِلُ إِلَى القِمَّةِ إِلَّا مَنْ يَصْبِرُ وَيُثَابِرُ، فَحَقِّقْ أَحْلَامَكَ بِالْجِدِّ وَالْمُثَابَرَةِ!"