علّمتني الحياة
![]() |
علّمتني الحياة |
بينما كنت أمشي في الشارع، رأيت رجلاً مسنًا يجلس على كرسي خشبي قديم عند زاوية الحي. كانت عيناه تحملان قصصًا لم تُحكَ بعد، وكأن الحياة اختارت أن تكتب حكمتها على وجهه بدلًا من الورق. اقتربت منه، دون أن أدرك السبب، وسألته: "ما هو أكبر درس تعلمته من الحياة؟"
ابتسم، وكأن سؤالي كان مفتاحًا لصندوق ذكرياته، ثم قال بهدوء:
"يا بني، الحياة ليست كما نراها، بل كما نشعر بها. لقد ظننت يومًا أن السعادة تكمن في امتلاك الأشياء، فاكتشفت أنها في العطاء. بحثت عن الحقيقة في الكتب، فوجدتها في تجارب الأيام. كنت أظن أن الزمن كفيل بشفاء الجراح، لكنني تعلمت أن بعض الجراح تُشفى فقط عندما نقبلها."
صمت للحظة، ثم تابع:
"تعلمت أيضًا أن الناس يعبرون حياتنا كالفصول، بعضهم ربيع، يزهر في أرواحنا، وبعضهم خريف، يسقط أوراقنا، وبعضهم شتاء، يجمد مشاعرنا، لكن حتى هؤلاء يعلموننا شيئًا مهمًا: أن الربيع سيعود دائمًا."
استمعت إليه بإعجاب، وكأن كلماته كانت ترمم شيئًا ما داخلي. لم أكن أعلم أن لقاءً عابرًا قد يغير نظرتي للحياة، لكنني أدركت حينها أن الدروس الحقيقية لا تُدرّس في المدارس، بل تُمنح لنا عندما نكون مستعدين لاستقبالها.
حينها، علّمتني الحياة أن الإجابات لا تأتي دائمًا من الخارج، بل من أعماقنا، حين نصغي بصدق لنداء أرواحنا.