الصدق الذي حررني

الصدق الذي حررني

الصدق الذي حررني
الصدق الذي حررني

الفصل الأول: "السر المظلم"

في قرية نائية، حيث لا يمر الزمن إلا ببطء، كان هناك شاب يُدعى "حسن". كان حسن يملك محلًا صغيرًا لبيع الحرف اليدوية، لكنه لم يكن يبيع فقط الأعمال الفنية، بل كان يحمل في قلبه قطعة من الظلام. سرٌ عميق ظل يطارده لسنوات. لقد ارتكب خطأ فادحًا في أحد الأيام، خطأ وقع في عالم التجارة حيث يلتقي المال بالأخلاق، ولكنه بدلًا من مواجهة ذلك الخطأ، اختار أن يغلق عليه قلبه بالكذب. تساءل حسن: "هل الكذب هو ما يبقيني حيًا، أم أنني بذلك أموت ببطء؟" كلما مضى الزمن، ازداد الضيق في صدره، وأصبح الكذب بالنسبة له كالعائق الذي يمنعه من التنفس. "أليس الصدق هو الوحيد الذي يمكن أن يحررني من هذا؟" كان هذا السؤال يراوده، لكنه كان يخشى أن يكون الصدق أكثر ألمًا من الكذب.

الفصل الثاني: "القرار الصعب"

وفي أحد الأيام، دخلت إلى محله امرأة مسنّة تُدعى "أمينة". كانت أمينة تمتلك حكمة كانت تستهوي كل من يقابلها، فهي تملك قدرة عجيبة على النظر إلى ما وراء الظواهر. كانت تراقب حسن، وتلحظ في عينيه ما وراء الكلمات، وكانت تعرف أن شيئًا ما يعكر صفو روحه. "لماذا لا تكون صادقًا مع نفسك؟" قالت أمينة بلطف، "الصدق ليس مجرد كلمة، بل هو الطريق الذي يؤدي إلى التحرر من القيود الداخلية."
كانت كلماتها بمثابة صاعقة فاجأت حسن. فكر في نفسه: "هل أستطيع أن أتحرر من هذا العبء؟ هل يمكن للصدق أن يكون مفتاحًا للخلاص؟" وتذكر حينما كان يفكر في الكذب كدرع يقيه من عواقب الحقيقة، لكنه أدرك في تلك اللحظة أن هذا الدرع ليس سوى سجن. "أم هو الصدق الذي سيحررني من نفسي؟"

الفصل الثالث: "اللحظة الفاصلة"

جاءت اللحظة التي طالما هرب منها. وقف حسن أمام "علي"، الرجل الذي خدعه في الماضي. كانت الأرض تحت قدميه تتزلزل، وأصبح الوقت كأنه يضغط على صدره. نظر إلى علي وقال، بصوت مليء بالاعتراف: "أنا من أخطأت. أنا من خدعتك، ولكنني أدركت الآن أن الصدق هو ما سيحررني."
علي، الذي كان يبدو متفاجئًا، وقف صامتًا لبرهة. ثم قال، بصوت يفيض بالفكر العميق: "لقد جئت متأخرًا، ولكن هل هناك وقت غير هذا؟ هل يمكن للصدق، الذي جاء بعد الألم، أن يمحو الجراح؟ أم أن الحقيقة ستكون دائمًا مؤلمة؟"
في تلك اللحظة، كان حسن يدرك أن الحقيقة ليست شيئًا يمكن هربه منه، بل هي شيء يجب أن يواجهه الإنسان في الوقت الذي يشعر فيه بالضعف، ليكتشف في النهاية أن هذه الحقيقة هي التي تمنحه القوة. "الصدق هو البذرة التي تزرع السلام، رغم الألم."

الفصل الرابع: "عواقب الحقيقة"

بمجرد أن اعترف حسن بخطأه، شعر بشيء غريب. كان الراحة قد بدأت تتسلل إلى قلبه، لكن كان هناك شيء آخر يحدث. الحقيقة، رغم أنها أعادت له السلام، لم تكن شيئًا يمكن للجميع قبوله بسهولة. البعض رأى في اعترافه نقطة ضعف، والبعض الآخر اعتبره مجرد تخبط، لكن بعض الأرواح فهمت أن الصدق لا يأتي خاليًا من الثمن.
كانت الوجوه تتغير، وكانت الآراء تتباين، ولكن الحقيقة أصبحت جزءًا من حياته. لم يعد يهتم بالحكم أو النقد. أدرك أنه لا يمكن للإنسان أن يعيش دون أن يواجه ذاته، وأن الصدق هو الخيار الوحيد الذي يظل ثابتًا في عالم مليء بالتردد. "الصدق هو الذي يمنحني القوة لتجاوز كل التحديات."

الفصل الخامس: "الحرية"

مع مرور الوقت، بدأ حسن يتحرر من الماضي. لم يعد يشغل باله بما يظنه الآخرون عنه. أصبحت الحياة أكثر وضوحًا، والأفق أوسع. بدأ يتعامل مع الجميع كما لو أن قلبه مفتوح للجميع، لا يكذب، ولا يخفي شيئًا. حتى علي، الذي تأذى من الخديعة، بدأ يشعر بشيء من السلام الداخلي. فقد أدرك أن البشر ليسوا معصومين عن الخطأ، وأن الحقيقة تأتي في وقتها، ولكن عندما تأتي، تمنح الإنسان قوى خارقة، قوى تجعل العالم يبدو أكثر جمالًا.
قالت أمينة لحسن في أحد الأيام: "الصدق ليس مجرد فعل، إنه حالة ذهنية. وعندما يصبح جزءًا منك، فإنه يحررك من جميع القيود التي فرضها عليك الخوف." في تلك اللحظة، أدرك حسن أن الحرية الحقيقية ليست في الهروب من الحقيقة، بل في مواجهتها. "الصدق هو الذي يعيد بناء حياتنا من جديد، وهو الذي يفتح لنا أبواب السلام الداخلي."
أبو ياسر المغربي
أبو ياسر المغربي
تعليقات