قصص طويلة تاريخية: ظل السلطان

قصص طويلة تاريخية: ظل السلطان

قصص طويلة تاريخية: ظل السلطان
قصصي بالعربي


الفصل الأول: الليلة التي اختفى فيها السلطان

كانت ليلة مكتظة بالصمت… صمتٌ ثقيل، له وزنٌ يطحن الأرواح تحت جناحيه. الرياح تعصف بأسوار القصر العتيق، فتصفّر بين أعمدته كأنها أنين الأرواح التي عاشت وماتت داخله. خلف الجدران العالية، وتحت سقف الغرف المزخرفة، جلس السلطان مراد وحده، أمام شعلة شمعة صغيرة… تلك الشمعة الوحيدة التي قاومت عاصفة الخارج، ولكنها لم تكن لتقاوم عاصفة الداخل.

كان السلطان يحدّق في لهيبها كمن يرى رؤيا. انعكاس النار على عينيه جعل بؤبؤيه يلمعان كجمرتين في ظلمة حالكة. كان رجلًا جاوز الخمسين، لكن ملامحه تحمل عبء أعوام أضعافها، جبينه محفور بتجاعيد لم تُنقش من الشيخوخة، بل من الذنوب، من القرارات، من الخوف.
في تلك اللحظة، كان كل شيء في القصر يبدو طبيعيًا… حتى همسات الرياح.
لكن ما لم يكن طبيعيًا… هو الظل.
نعم، ظل السلطان.
على جدار الغرفة، خلفه مباشرة، كان ظله أطول مما يجب، أكثر سوادًا مما يجب، وأعمق مما تسمح به قوانين الضوء. كان يتحرك ببطء… حركة غير متزامنة مع حركة السلطان. كلما أمال رأسه، تأخر الظل ثانية… كلما رفع يده، تأخرت يده الأخرى، ثم ارتفعت ببطء مرعب.
توقف السلطان فجأة. تجمدت ملامحه. تركزت عيناه على ذلك الظل… ثم قال بصوت خافت:
– "عدت… إذًا عدتَ إليّ…"
لم يكن أحد معه في الغرفة. كان وحده.
لكن في ذلك الصمت، جاء صوت.
صوت خفيف، أجش، كأن صدرًا محطمًا يلفظ أنفاسًا بالكاد تخرج:
"لم أرحل أبدًا…"
أغمض السلطان عينيه بشدة، وشهق نفسًا كأن صدره كان مختنقًا منذ قرون. ثم فتحهما، فإذا بالظل قد اقترب… لم يعد على الجدار البعيد… بل صار أقرب… وأقرب… حتى صار يقف وراءه مباشرة، حتى شعر بحرارته أو برودته، لم يعد يدري.
كان الهواء من حوله قد تغير، صار أثقل، كأن آلاف الكلمات غير المنطوقة عالقة فيه، كأن الأرواح تملأه.
ثم… فجأة… أُطفئت الشمعة.
غمر الظلام الغرفة، ولم يبقَ سوى صوت التنفس، وصوت قلب السلطان يدق كطبول حرب قديمة.
– "من هناك؟!" صرخ بصوت مرتجف، لكنه قوي، كصوت ملك تعود على ألا يخاف.
لا جواب.
لمع ضوءٌ خافت في زاوية الغرفة. التفت السلطان نحوه، فإذا بها المرآة القديمة، تلك التي ورثها عن أبيه، والتي لم يجرؤ على النظر فيها منذ سنوات. كان الغطاء الأسود الذي كان يحجبها قد سقط… من أسقطه؟ لا أحد يعرف.
وفي انعكاس المرآة… لم يرَ نفسه.
بل رأى رجلاً آخر… رجلًا يشبهه… ولكن بملامح أكثر حدة، بعينين سوداوين بلا بؤبؤ، بابتسامة مائلة تحمل ألف لعنة.
رفع السلطان يده ببطء نحو وجهه… وكذلك فعل الرجل في المرآة.
لكن بينما وضع السلطان يده على خده، وضع الرجل في المرآة يده على عنقه… وابتسم ابتسامة أوسع.
ارتجف السلطان. تراجع خطوة.
لكن الرجل في المرآة… تقدم خطوة.
همس السلطان لنفسه:
– "لا… لا… ليس مجددًا… ليس الليلة…"
لكن الرجل ابتسم أكثر، ثم رفع إصبعه، وأشار خلف السلطان… إلى شيء… إلى شخص… إلى ظلٍّ يقف خلفه.
استدار السلطان ببطء.
ولم يُسمع له صوت بعد تلك الليلة.
في صباح اليوم التالي، حين فتح الحراس باب الغرفة، وجدوا الشمعة مذابة على الأرض، نافذة مفتوحة تهب منها الرياح، والمرآة مغطاة مجددًا. ولكن لم يجدوا السلطان.
لا جثة… لا آثار… لا دماء.
وكأن الأرض ابتلعته.
أو… وكأن شيئًا أخذه إلى داخل الظل.

خاتمة الفصل:

لكن هناك شيء واحد غريب لاحظه الحراس… على الجدار المقابل للمرآة… كان هناك ظل لرجل يقف وحده. ظل بلا صاحب.

الفصل الثاني: الخادم الذي سمع الهمس

لم يكن فناء القصر في ذلك الصباح ككل الصباحات. كان هناك صمت غريب، صمتٌ ثقيل يخيّم على المكان، كأن الجدران ذاتها تراقب الوجوه المتجمعة، تتلصص على همساتهم، وتتربص بخوفهم.
اجتمع الخدم والحراس والوزراء في الساحة، عيونهم تبحث عن أجوبة، شفاههم لا تجرؤ على النطق. كان الجميع ينظر إلى باب غرفة السلطان المغلق، يتساءلون:
"أين ذهب؟ هل خرج؟ هل اختفى؟ أم…؟"
وسط هذا الصمت، وقف إسماعيل، الخادم الشاب، يحكّ يديه بعصبية، يتلفت حوله، وكأن عيونًا خفية تراقبه. كان أكثرهم اضطرابًا، ليس لأنه فقد سيده، بل لأنه سمع شيئًا في تلك الليلة… شيئًا لا يزال صوته عالقًا في أذنيه.
اقترب منه الوزير مصطفى، رجل ثقيل البنية، ذو لحية بيضاء كثة، وعينين صغيرتين تلمعان بالشك، وسأله بصوت منخفض:
– "أخبرني يا إسماعيل… متى كانت آخر مرة رأيته فيها؟"
بلع إسماعيل ريقه، ثم أجاب بصوت متردد:
– "في الليل… قبل أن تُغلق الأبواب… كنت أمرُّ قرب غرفته… سمعت… سمعت… همسًا…"
رفع الوزير حاجبيه، اقترب أكثر:
– "همسًا؟ ماذا قال؟"
ازدادت رجفة إسماعيل، نظر حوله كمن يخشى أن يسمعه أحد غير الوزير، ثم اقترب وهمس:
– "كأن أحدًا كان يتكلم معه… ليس السلطان وحده… سمعت صوتًا آخر… صوتًا غريبًا… كأنه قادم من الأرض… من تحت الأرض…"
تراجع الوزير خطوة، ثم تمتم ببطء:
– "من تحت الأرض…؟"
أومأ إسماعيل برأسه:
– "نعم… كلمات لم أفهمها… لكنها لم تكن بلغة البشر… وكأنها… كأنها طلاسم… أصوات تشبه هسهسة الأفاعي… ثم… ثم…"
سكت فجأة، علق صوته، وكأن جدارًا خفيًا ارتفع داخل حلقه. نظر إلى يديه، فوجدهما ترتجفان بلا توقف.
– "ثم ماذا يا ولد؟!" ضغط الوزير عليه.
رفع إسماعيل عينيه بتوتر وقال:
– "ثم شعرت بأن شيئًا يقف خلفي… التفتُّ سريعًا… لم أرَ أحدًا… لكني شعرتُ به… شعرت بأنفاس باردة على عنقي… ورأيت ظلًا… ظلًا لا يخصني…"
ارتجف وجه الوزير، ثم أدار نظره نحو الحراس الذين يقفون صامتين قرب الباب المغلق. لم يجرؤ أحد على الاقتراب.
ثم قال الوزير بصوت خافت:
– "ذلك الباب… لا يُفتح حتى أقرر أنا…"
لكن في تلك اللحظة… سمع الجميع صوتًا قادمًا من الداخل.
صوت خشخشة… كأن شيئًا يزحف على الأرضية الحجرية… ببطء… ببطء… ثم توقف.
ثم… جاء الهمس.
همسٌ ضعيف… لكنه واضح… يتردد من خلف الباب المغلق:
"إسماعيل… إسماعيل… تعال… تعال…"
تجمّد الدم في عروق إسماعيل. تسمرت قدماه في الأرض. سمع اسمه يُنادى… بصوت السلطان… لكنه لم يكن صوت السلطان كما يعرفه.
كان صوتًا مكسورًا… مشروخًا… غريبًا… كأن روحًا تتحدث من بئر سحيق.
تراجع الوزير خطوتين، رفع يده وأمر الحراس:
– "أغلقوا الأبواب… لا يقترب أحد… لا يفتح أحد… حتى آمر أنا!"
اندفع أحد الحراس وقال بخوف:
– "لكن يا سيدي… السلطان ينادينا…! هو…!"
قاطعه الوزير بعينين متصلبتين:
– "ذلك… ليس السلطان."
ساد الصمت.
ووقف إسماعيل بينهم، يحدق في الباب… بينما لا يزال يسمع الهمس يتردد… يزداد وضوحًا… حتى شعر أن الصوت خرج من خلف الباب… وصار خلف أذنه مباشرة.
ثم… شعر بشيء يلامس كتفه.
التفت إسماعيل ببطء… لكنه لم يجد أحدًا.

خاتمة الفصل:

لكن ذلك الليل… لم يكن قد انتهى بعد… لأنه في الليلة التالية… كانت النافذة هي من نادته.

الفصل الثالث: نافذة الهمسات

مرت الليلة ثقيلة كأنها تحمل جبالًا فوق صدور الجميع. لم يجرؤ أحد على الاقتراب من غرفة السلطان، رغم أن الأصوات لم تتوقف. كل ساعة، كانت الهمسات تعود… كلمات مبهمة، لا تشبه لغات البشر، كأن الريح نفسها تنطق بها… أحيانًا خافتة، وأحيانًا حادة كأنها صرخات مكتومة.
في منتصف الليل، كان إسماعيل مستلقيًا في فراشه الصغير في جناح الخدم. عيناه مفتوحتان، تحدقان في الظلام. لم يستطع النوم. كانت أذناه تلتقطان أصواتًا لا يسمعها أحد… أو هكذا ظن.
وفجأة… جاء الصوت.
"إسماعيل…"
انتفض جالسًا. التفت نحو الباب… لا أحد. التفت نحو النافذة… وإذا بها مفتوحة.
لم يكن قد فتحها.
هب نسيم بارد، يحمل معه رائحة غريبة… خليط بين العطر الملكي الذي كان السلطان يضعه، ورائحة أخرى… رائحة تراب رطب… أو ربما رائحة قبر.
اقترب إسماعيل ببطء من النافذة. خطواته كانت بطيئة، مترددة، كأن الهواء نفسه يقاومه. وعندما وقف أمامها… لمح شيئًا في الخارج.
في الحديقة المظلمة، تحت ضوء قمر خافت، كان هناك ظل.
ظل لرجل طويل… يقف بثبات… لا يتحرك… لكن رأسه مائل وكأنه ينظر مباشرة إلى النافذة.
بل… مباشرة إلى إسماعيل.
تراجع خطوة.
ثم… رفع الظل يده ببطء… وأشار نحوه.
همس الصوت مرة أخرى، من جهة النافذة، ولكن هذه المرة لم يكن يشبه السلطان… بل كان أعمق… أجش… كأنه خرج من بئر:
"تعال… إسماعيل… افتح الباب… افتح الباب…"
ارتجف إسماعيل. ضغط يديه على أذنيه.
لكن الصوت لم يختفِ.
بل صار داخله.
"افتح الباب…"
"افتح الباب…"
"افتح الباب…"
ثم… رأى الظل يتحرك… يمشي ببطء نحو جدار القصر… وعندما وصل إليه… اختفى بداخله… كأنه ابتلعته الحجارة.
وقف إسماعيل مذهولًا، قلبه يدق بعنف. شعر بقطرات العرق البارد تنزلق على ظهره.
وقبل أن يستدير ليهرب… لمح وجهًا في زجاج النافذة.
وجه السلطان.
لكنه لم يكن وجه السلطان كما يعرفه… كانت عيناه سوداوان بالكامل… وفمه مفتوحًا على اتساعه… كأن صرخة أبدية حُبست فيه.
شهق إسماعيل وسقط على الأرض.
عند الفجر، جاء الخدم ليجدوا إسماعيل ممددًا قرب النافذة، مفتوح العينين، يرتجف بلا توقف، لا يقوى على الكلام.
وعلى الزجاج… كانت هناك بصمات يد سوداء… يد كبيرة، لا تشبه يد إنسان.
لكن النافذة… كانت مغلقة بإحكام.

خاتمة الفصل:

وفي تلك الليلة… لم تكن النافذة وحدها من تحدثت… بل في أعماق القصر… بدأت الجدران تهمس.

الفصل الرابع: الجدار الذي همس

حلّ الليل مرة أخرى على القصر، لكن هذه الليلة كانت مختلفة.
الظلام أعمق.
الصمت أثقل.
كأن شيئًا يحبس أنفاس القصر كله، كأن كل حجر وكل لوح خشب صار شاهدًا على سرّ لا يستطيع أن ينطق به… أو ربما لا يريد أن ينطق به… خوفًا.
جلس الوزير مصطفى في مكتبه، تحيط به خرائط المملكة ومخطوطات قديمة. كانت يداه ترتجفان، رغم محاولاته إخفاء ذلك، وعيناه تحدقان في كتاب قديم جدًا، مغطى بغبار القرون. كان ذلك الكتاب قد وجد في خزانة السلطان منذ أعوام، ولم يجرؤ أحد على فتحه… حتى الآن.
قرأ العنوان المكتوب بلغة لا يجيدها، لكن الوزير تعرّف الكلمة الوحيدة التي كُتبت بحروف حمراء في الصفحة الأولى:
"الظل"
– "الظل…" تمتم لنفسه، وصوته بالكاد يُسمع.
تردد قبل أن يقلب الصفحة… لكنه فعل.
وفجأة… هبّت رياح من لا مكان.
تطايرت أوراق المكتب… وانطفأت المشاعل… وارتجّت الجدران.
ثم… جاء الهمس.
هذه المرة… لم يكن من النوافذ… لم يكن من وراء الباب…
كان من داخل الجدران.
"مصطفى…"
تجمد الدم في عروقه.
"مصطفى… أتعرف اسمي…؟"
ابتلع ريقه بصعوبة، رفع المصباح المرتجف، ودنا من الجدار. التصق أذنه به… وسمع ضحكة خافتة… متقطعة… كأنها قادمة من عمق الأرض… أو من خلف حجاب الزمن.
ثم جاءت كلمات أخرى… كلمات لا يفهمها… لكن روحه فهمتها.
كلمات جعلت قلبه يضرب صدره بقوة، وكأنها تدق طبول نبوءة… أو لعنة.
فجأة، سمع صوت خربشة.
شيء يحفر من الداخل… خلف الجدار… يقترب… يقترب.
رفع المصباح نحو الجدار، وإذا به يرى شقًا دقيقًا يظهر… يتسع… يتسع ببطء…
ومن داخل الشق… خرج إصبع.
إصبع طويل… نحيل… أسود… كأنه عظمة مغلفة بظل.
صرخ الوزير وتراجع، سقط المصباح، ارتطم بالأرض وتحطم… وغرق المكان في ظلام دامس.
لكن الإصبع… واصل الخروج.
ثم يد.
ثم ذراع.
ثم… شيء بدأ يزحف من داخل الجدار.
في تلك اللحظة، اندفع الحارس الأول نحو الغرفة، فتح الباب باندفاع:
– "سيدي الوزير! ماذا…"
ثم… تجمد مكانه.
لم يجد الوزير مصطفى.
وجد فقط المصباح المحطم.
ووجد الشق في الجدار… مغلقًا… كأن لم يكن.
لكن الغرفة… بدت أصغر.
كأن الجدار اقترب.
كأن الغرفة ابتلعت رجلاً آخر.

خاتمة الفصل:

وفي صباح اليوم التالي… عندما دخل الخدم الغرفة… وجدوا كتاب "الظل" مفتوحًا على صفحة جديدة…
صفحة لم تكن موجودة من قبل… وعليها مكتوب اسم واحد فقط:
"مصطفى."

الفصل الخامس: ممرات تحت الأرض

مع شروق شمس باهتة، كان الخدم يجوبون أرجاء القصر بهلعٍ مكتوم. كان اختفاء الوزير مصطفى ضربة قاسية، زادت من الرعب الذي استبد بالجميع. أصبح القصر أشبه بقبر كبير… كل من فيه يمشي على أطراف أصابعه، يهمس بدل أن يتكلم، وينظر خلفه كل بضع خطوات.
أما إسماعيل، فكان في زاوية المطبخ، شاحب الوجه، يحدق في كوب الشاي الذي لم يلمسه.
سمع خطوات خافتة تقترب.
التفت، فرأى رجلاً مسنًا، قصير القامة، بوجه تغطيه التجاعيد وعيون رمادية لامعة. كان الحاج عبدون، أقدم حراس القصر، رجلًا عاش من قبل في ظلال العرش… وعرف الكثير مما لا ينبغي أن يُعرف.
جلس عبدون قرب إسماعيل بصمت، ثم قال بصوت مبحوح:
– "سمعتُ أنك… سمعتَ الهمسات… ورأيتَ الظل."
ارتجف إسماعيل، لم ينطق.
أومأ عبدون ببطء:
– "لم تكن أول من يسمعها… ولن تكون الأخير."
اقترب أكثر، وخفّض صوته:
– "هناك شيء… تحت القصر. شيء دُفن منذ زمن طويل… قبل أن يُبنى هذا القصر فوقه."
تقلصت حدقتا إسماعيل:
– "ماذا تعني؟"
أشار عبدون نحو الأرض:
– "أنفاق… ممرات… حفائر قديمة… لا أحد يجرؤ على النزول إليها… إلا السلطان."
أخذ نفسًا عميقًا، ثم أضاف:
– "كان السلطان… يختفي أحيانًا ليالٍ كاملة… ويعود مع الفجر… عيونه حمراء… أنفاسه ساخنة… وأحيانًا… تتسخ قدماه بالتراب الأسود."
تلعثم إسماعيل:
– "تراب أسود…؟"
أومأ عبدون:
– "تراب القبور القديمة… مقابر لم تُكتب لها أسماء…"
سكت للحظة، ثم نظر في عيني إسماعيل مباشرة:
– "في الليلة الأخيرة… قبل أن يختفي… رأيته… كان ينزل عبر البئر القديمة… كان يتمتم… يحمل الكتاب."
شهق إسماعيل:
– "كتاب الظل…؟"
أومأ عبدون مرة أخرى:
– "نعم… الكتاب الذي لا يفتح إلا بدم…"
أسند ظهره للجدار، وكأن ثقلاً عظيماً نزل على صدره، وأغلق عينيه للحظة.
ثم فتحهما وقال بصوت خافت:
– "إن أردت الحقيقة… عليك أن تنزل."
ارتجف إسماعيل:
– "أنزل… أين؟"
ابتسم عبدون ابتسامة حزينة:
– "البئر…"
وأشار بإصبعه العجوز نحو نافذة المطبخ… نافذة تطل على حديقة مهجورة في ركن القصر… حيث بئر قديمة… معزولة… مسيجة بسلاسل صدئة…
نظر إسماعيل من النافذة.
كانت الشمس المريضة ترسل خيوطًا خافتة على الحديقة، لكن البئر… ظلّت غارقة في الظل… كأن الضوء يخشاها.
وقف عبدون، تمتم:
– "لا أحد يعرف ماذا وجد السلطان هناك… لكنه… لم يعد وحده."
ثم غادر، عكازه يضرب الأرض بإيقاع بطيء… متعب.
ترك إسماعيل وحده.
ينظر إلى البئر… ويشعر بأن شيئًا هناك ينظر إليه أيضًا.

خاتمة الفصل:

وعندما حلّ الليل… سمع إسماعيل من جهة الحديقة… الصوت ذاته… يناديه من أعماق البئر:
"إسماعيل… الوقت… حان…"

الفصل السادس: البئر المنسية

حلّ الليل على القصر… لكنه لم يكن ليلًا عاديًا.
كان كأن السماء نفسها رفضت القمر… فلم يظهر.
كأن النجوم انطفأت… خجلت… أو هربت.
وبقيت الأرض تغرق في ظلام كالح… ظلام يبتلع الأصوات… الأنفاس… وحتى الرجاء.
وقف إسماعيل أمام نافذة المطبخ، يحدق نحو الحديقة. هناك، وسط الأعشاب اليابسة، كانت البئر القديمة تنتظره. بدا فمها الدائري كفم وحش قديم… مفتوح… صامت… جائع.
أخذ نفسًا عميقًا.
سمع مجددًا النداء… نفس الصوت… نفس الهمس… قادمًا من الأعماق:
"إسماعيل… الوقت… حان…"
لم يعرف من أين استمد شجاعته… لكنه وجد نفسه يخطو نحو الباب الخلفي… يفتح القفل… يخرج إلى الحديقة.
لفحته نسمة باردة، تحمل رائحة رطوبة قديمة… ورائحة معدن صدئ… ورائحة أخرى… كأنها رائحة موت.
تقدم بخطوات حذرة.
كل عشب كان يلمسه بقدمه… كأنما يصرخ…
كل حجر يعبره… كأنما ينظر إليه.
وقف أمام البئر.
كانت السلاسل الصدئة تلتف حولها كأفعى ميتة.
مد يده المرتجفة… وفك القفل.
سقط القفل على الأرض بصوت معدني أجوف… ارتجف داخله.
أبعد السلاسل.
ثم… نظر إلى الداخل.
لم ير شيئًا.
مجرد ظلام أسود كثيف… لا نهاية له…
لكن أذنه… التقطت شيئًا.
صوت تنفس.
هناك شيء يتنفس… في الأعماق.
اقترب أكثر… حتى لامس وجهه حافة البئر.
وفجأة…
رأى عينين.
عينان تلمعان في العتمة.
عينان تراقبانه.
شهق وتراجع خطوة.
لكن اليد أمسكت بحافة البئر… يد سوداء… طويلة… أصابعها تشبه العظام… أظافرها حادة كالمخالب.
ثم خرجت يد ثانية.
ثم… سمع الصوت.
"تعال… إسماعيل… لا تخف… لقد انتظرناك طويلاً…"
ارتجف إسماعيل، لم يعد يعرف أكان يحلم أم يستيقظ، أكان حيًا أم في عالم آخر.
لكن قدميه… تقدمتا وحدهما.
خطوة… ثم خطوة…
حتى صار يقف على حافة البئر.
نظر إلى الداخل مرة أخرى.
اليدين… لم تعودا وحدهما.
جسد أسود كامل صعد…
جسد طويل… مغطى بالظلال… لا ملامح له… إلا تلك العينين اللامعتين… العميقتين كهاوية.
رفع الكائن يده… وأشار إلى إسماعيل.
"انزل…" همس الكائن.
"أكمل ما بدأه السلطان…"
في تلك اللحظة… شعر إسماعيل بيد خفية تدفعه.
سقط.
هوى في البئر.
وأثناء سقوطه… كان يرى جدران البئر تضيء فجأة بنقوش قديمة… وجوه محفورة… وجوه تصرخ… تبكي… تصلي…
وكان الصوت يهمس في أذنه… أقرب فأقرب:
"مرحبًا بك… في الظل."
ثم… عمّ الظلام.

خاتمة الفصل:

وفي تلك الليلة… جلس الحاج عبدون في المطبخ وحده…
أغلق عينيه… وتمتم:
– "اللهم سلّم… واحدٌ آخر… نزل."
ثم رفع نظره نحو النافذة… حيث البئر تلمع عيونها في العتمة… كأنها ابتلعت إسماعيل…
وأصبحت أكثر جوعًا… من أي وقت مضى.

الفصل السابع: أعماق الظل
سقط إسماعيل في الظلام… ولم يكن سقوطه عاديًا.
كأن البئر لم تكن مجرد بئر…
كأنها ممر بين عالمين…
كأنها تمتد إلى ما لا نهاية… أو إلى نهاية لم يُكتب لها اسم.
كان يشعر بالهواء يصفع وجهه…
بالبرودة تخترق عظامه…
وبهمس يحيط به… يقترب من أذنيه:
"إسماعيل… إسماعيل… إسماعيل…"
ثم فجأة… توقف عن السقوط.
لكنه لم يرتطم بالأرض.
كان معلقًا… في منتصف فراغ مظلم.
تحت قدميه… فراغ.
فوق رأسه… ظلام.
حول جسده… صمت كثيف… ثقيل… كأنما هو مادة ملموسة.
ثم… ظهرت أضواء صغيرة… واحدة تلو الأخرى… كعيون كثيرة… تراقبه.
ارتجف.
وسمع صوتًا جديدًا… ليس همسًا هذه المرة… بل صوتًا أجش… عميق… قادمًا من كل الاتجاهات:
– "مرحبًا بك… في مملكة الظل."
أضيء المكان فجأة… لكنه لم يكن ضوءًا عاديًا.
ضوء باهت… يميل إلى الأخضر… كأنه نور مقبرة قديمة… كشف عن جدران مغطاة بالنقوش… وجوه محفورة… وأذرع ممدودة كأنها تطلب النجدة… أو تحاول الإمساك به.
كان يقف في كهف ضخم… تحت الأرض… سقفه مغطى بالجذور السوداء… والأرض رطبة… موحلة… تفوح منها رائحة عفنة… رائحة موت قديم.
تقدم خطوة.
سمع صدى قدميه.
ثم رأى بابًا حجريًا أمامه… عليه نفس النقش الذي رآه في كتاب السلطان…
رمز غامض… أشبه بعين ذات حدقة مشقوقة.
مد يده ليلمسه.
عند أول لمسة… اهتز الجدار.
وانفتح الباب ببطء… صريره كصرخة روح محبوسة.
وخلف الباب… ممر ضيق… طويل… ينحدر إلى أسفل… مضاء بمشاعل خافتة، كأنها تشتعل دون لهب.
سار إسماعيل داخله.
كل خطوة كان يسمع معها همسًا جديدًا… بلغة لا يفهمها… لكنها تخترق قلبه… تشعل خوفًا غريبًا… كأن الكلمات تذكّره بشيء… كان يعرفه… ثم نسيه.
ثم… وصل إلى قاعة واسعة.
كانت القاعة مستديرة… جدرانها مغطاة بمرايا قديمة، صدئة… لكنها تعكس صورًا لم يرها أمامه.
اقترب من واحدة.
فرأى فيها الوزير مصطفى… واقفًا وسط ظلام… يصرخ… يطرق زجاجًا خفيًا…
لكن صوته لا يصل.
انتقل إلى مرآة أخرى.
رأى فيها السلطان… جالسًا على عرش أسود… محاطًا بظلال تتحرك…
وعيناه مغلقتان… لكنه كان يبتسم.
انتقل إلى مرآة ثالثة.
فرأى… نفسه.
لكن صورته لم تكن عادية.
كان يرى نفسه يرتدي عباءة سوداء… على جبينه نفس الرمز… وفي يده الكتاب.
شهق إسماعيل… وتراجع خطوة.
لكن صورته في المرآة… ابتسمت.
ثم رفعت يدها… وأشارت له… لتقترب.
ارتجف.
سار نحو المرآة… مد يده…
ولمس الزجاج.
فجأة… شدته الصورة إلى الداخل!
صرخة إسماعيل ترددت في القاعة.
ثم…
سكنت القاعة.
وخفّت المشاعل.
وبقيت المرايا… تعكس صورة إسماعيل الجديد… جالسًا على عرش أسود…
تبتسم له الظلال…
وتهمس جميعها:
"أخيرًا… عاد السلطان."

خاتمة الفصل:

وفي أعلى القصر… فتح الحاج عبدون عينيه فجأة… كأنه شعر بشيء…
تمتم بصوت مبحوح:
– "لقد عاد… لكن ليس كما غادر."
ثم نظر نحو نافذة القصر… حيث بدأ الظل يزحف على الجدران… ببطء… بثبات…

الفصل الثامن: عودة الظل

مع حلول فجر باهت… بدا القصر وكأنه لم ينم.
جدرانه كانت توشك على الانهيار من ثقل الصمت… نوافذه تغلفها ضباب غريب… وسقفه يقطر ماءً أسود لم يعرف أحد مصدره.
في المطبخ، جلس الحاج عبدون قرب موقد خامد، يراقب اللهب الذي لم يشتعل رغم محاولاته العديدة.
كانت عيناه غارقتين في الشرود… كأنه ينتظر شيئًا… أو يخشاه.
وفجأة… سمع الخطوات.
خطوات بطيئة… منتظمة… قادمة من الممر الطويل المؤدي إلى قاعة العرش.
رفع عبدون رأسه.
– “لا…” همس، وصدره يضيق.
وقف.
خرج من المطبخ… وسار نحو مصدر الصوت.
كلما اقترب… ازداد الظلام حوله.
كأن الليل نزل قبل أوانه.
كان الخدم متجمعين في الأركان، يهمسون، يتهامسون، ينظرون نحو المدخل… أعينهم مليئة بالخوف… وبعضهم كان يبكي.
ثم…
ظهر إسماعيل.
لكن لم يكن هو إسماعيل الذي عرفوه.
كان يرتدي عباءة سوداء ثقيلة، مطرزة برموز غريبة، وجهه شاحب… عيناه سوداوان بالكامل… لا بياض فيهما… فقط ظلمة.
كانت خطواته لا تصدر صوتًا… كأن الأرض تذوب تحته.
وقف عند عتبة القاعة.
نظر حوله.
ابتسم ابتسامة باردة.
ثم دخل.
ومع كل خطوة خطاها… انطفأ مصباح… وأغلق باب… وتهشمت نافذة…
كأن القصر نفسه ينحني له… أو يخشاه.
وصل إلى عرش السلطان.
جلس.
مد يده اليمنى…
فظهر الكتاب.
كتاب الظل… الذي ظنه الجميع ضائعًا.
فتحه ببطء.
وحين فعل… خرجت رياح سوداء من صفحاته… تدفقت كالدخان… غمرت القاعة… التفت حول الأعمدة… تسللت إلى زوايا القصر.
الخدم ركضوا.
البعض سقط مغشيًا عليه.
والبعض الآخر… اختفى تمامًا.
وقف عبدون وحده وسط العاصفة.
ثبت قدميه.
رفع صوته:
– "إسماعيل! … لا تفعل هذا! … هذا ليس طريقك!"
لكن إسماعيل نظر إليه.
نظرة باردة… عميقة… بعيدة عن كل إنسانية.
همس بصوت أجوف:
– "أنا… لست إسماعيل."
ثم أطبق الكتاب.
واختفى الظلام.
لكن الظلال… بقيت.

خاتمة الفصل:

وفي تلك الليلة… لم يجرؤ أحد على دخول قاعة العرش.
لكن في الصباح… وجد الخدم على باب القاعة خاتم السلطان… فوقه دم طازج… وإلى جانبه ورقة صغيرة… مكتوب عليها جملة واحدة:
"الظل يحكم الآن."

الفصل التاسع: حين استيقظت المملكة

لم يكن صباح المملكة مثل أي صباح.
كان الهواء ثقيلاً… محمّلاً برائحة الحديد المحترق…
وكانت الشمس تبدو باهتة، كأنها غارقة خلف ستار رمادي، عاجزة عن اختراق الظلام الذي بدأ يزحف من حدود القصر نحو الأحياء.
في السوق، وقف الباعة ينظرون إلى السماء.
كانت أسراب من الغربان تدور فوقهم، تصدر صرخات حادة، مشؤومة، لم يسمعوا مثلها من قبل.
ثم بدأت الأبواب تغلق.
بدأت العيون تختبئ خلف الشقوق.
ثم… خيم الصمت.
كل شيء… توقف.
وكأن المملكة تحبس أنفاسها.
في أحد الأزقة، ركض طفل صغير نحو أمه، يصرخ، وجهه مغطى بالدموع.
– "أمي! … أمي! … الرجل الأسود! … الرجل الأسود في الحقول!"
ارتجفت الأم، جثت على ركبتيها، أمسكت بوجهه:
– "أي رجل؟! ماذا رأيت؟!"
لكن الطفل لم يستطع الكلام.
كان يشير بيده المرتجفة نحو المدى… حيث كانت الحقول تمتد خلف سور القرية.
ونظرت الأم.
ورأت.
هناك… كان يقف.
رجل طويل… يرتدي عباءة سوداء… لا وجه له… فقط ظل.
وكان يمشي ببطء… نحو القرية.
في معبد قديم عند أطراف المدينة، وقف الكاهن العجوز عند المذبح، يقرأ من كتابه المقدس، صوته يرتجف.
– "اللهم… احفظنا… اللهم ادفع عنا…"
لكن شمعاته انطفأت.
صفحة الكتاب تقلبت وحدها.
وسمع الهمس.
"لقد تأخرتم… إنه هنا."
رفع عينيه… فرأى الظل خلفه.
شهق.
لكن قبل أن يصرخ…
ابتلع الظلام المعبد.
وفي غرفة نوم السلطان الراحل، كانت الملكة الأم جالسة قرب النافذة، تراقب القصر الذي أصبح يُطوَّق بسحب سوداء، كأنما يخنقه ظل غير مرئي.
كان بيدها خاتم السلطان… وورقة صغيرة… عليها نفس الجملة:
"الظل يحكم الآن."
دمعت عيناها.
– "لقد عدت يا ظلي… لكن بأي ثمن؟…"
وفي القصر… جلس إسماعيل على العرش.
لم يتحرك.
لم يتكلم.
لكن عينيه كانتا تراقبان المملكة… من خلف الظلال…
وكانت أصابعه تعبث بحواف الكتاب… كأنها تنتظر شيئًا.
فجأة… رفع رأسه.
ابتسم.
همس:
– "آن الأوان… أن يعرفوا… الحقيقة."
ثم فتح الكتاب مرة أخرى.
ومن بين صفحاته… خرج صوت بكاء… صراخ… ضحك مجنون…
وصعدت أسراب من الظلال، تتطاير فوق القصر، ثم تتفرق نحو أرجاء المملكة… تحمل معها رسائل الليل… وأسراره.

خاتمة الفصل:

وفي تلك الليلة…
حين أغلقت كل البيوت أبوابها…
حين اختبأ الجميع خلف الستائر…
كان القمر الوحيد… يراقب.
لكنه لم يكن أبيض…
كان أسود.

الفصل العاشر: الضوء الأخير

مرت ثلاثة أيام.
ثلاث ليالٍ لم يُشرق فيها فجر.
ثلاث ليالٍ لم يسمع الناس فيها إلا صرخات تأتي من أماكن لا يرونها…
ثلاث ليالٍ كان فيها القمر أسود، والسماء بلا نجوم.
في اليوم الرابع…
استيقظت المملكة على صوت جرس ضخم… لم يُقرع منذ مئة عام.
تجمع الناس أمام القصر.
كانت الأبواب مغلقة.
كانت النوافذ مظلمة.
وكانت الظلال تتراقص على الجدران… كأنها تضحك.
ثم… انفتح الباب.
خرج الحاج عبدون.
كان شاحبًا… متعبًا… مشى ببطء نحو الساحة…
وقف وسط الناس.
نظر إليهم…
ثم رفع يده المرتجفة.
– "أيها الناس…"
توقف صوته.
ارتجف.
ثم أجهش بالبكاء.
– "لقد… رحل السلطان…"
صمت.
ثم أكمل:
– "لكن الظل… لم يرحل."
في تلك اللحظة… خرج إسماعيل.
لكن هذه المرة… لم يكن وحده.
خلفه… جاءت الظلال.
امتدت كجيش أسود… صفوف بلا وجوه… بلا ملامح… تتحرك بصمت.
تقدم إسماعيل.
وقف على درج القصر.
نظر إلى الجمع.
كانت عيناه لا تزالان سوداوتين… لكن تحت السواد… كانت تلمع دمعة.
رفع الكتاب.
فتح صفحاته الأخيرة.
همس:
– "كل ما حدث… كان مكتوبًا."
ثم قلب الصفحة.
كانت الصفحة الأخيرة فارغة.
رفع نظره.
– "لكن نهايتكم… ستكتب الآن."
صرخ أحد الحشود:
– "لا! … لا نريد الظل!"
صرخ آخر:
– "أعد لنا النور!"
لكن إسماعيل لم يرد.
أغلق الكتاب.
وفي تلك اللحظة…
انشقّت السماء.
خرج شعاع واحد… ضوء أبيض نقي…
ضرب الكتاب.
صرخ إسماعيل.
تراجع.
احترقت الصفحات.
تلاشت الظلال… واحدة تلو الأخرى.
بدأ النور ينتشر.
تبددت الغيوم السوداء.
سقط إسماعيل على الأرض.
فتح عينيه.
كانت عيناه عادتا بشريتين…
نظر حوله.
كل شيء عاد كما كان.
الناس يبكون.
الشمس مشرقة.
والقمر اختفى.
لكن…
حين نهض…
رأى بجانبه ظلًا… لم يختفِ.
ابتسم الظل.
وقال بصوت منخفض:
– "الكتاب احترق… لكنني لم أكن أعيش في الكتاب."
ثم اختفى داخل جسده.

النهاية:

وقف إسماعيل وحده… وسط ساحة بيضاء…
الشمس فوقه…
لكن ظله كان أسود أطول من المعتاد…
وأعمق من الأرض…
وأكثر برودة من الليل.
وهمس إسماعيل:
– "النور عاد… لكن الظل… لم يغادر."
ثم سار… تاركًا خلفه ظلًا لا يشبه ظلال الآخرين…
ظلًا… ينتظر.

🎭 النهاية.

بهذه النهاية، تركت بابًا للتأمل: هل الظل انتهى فعلًا؟ أم صار جزءًا من إسماعيل؟ هل انتصر النور؟ أم أن هناك جولة قادمة؟
أبو ياسر المغربي
أبو ياسر المغربي
تعليقات