قصص قصيرة عن الرعب والغموض: البيت رقم 111

قصص قصيرة عن الرعب والغموض: البيت رقم 111

قصص قصيرة عن الرعب والغموض: البيت رقم 111
قصصي بالعربي


الفصل الأول: العنوان المُحرَّم

تمهيد

بعض العناوين لا يُذكر اسمها دون أن يُهمَس. البيت رقم 111، في زقاق "الغراب الأسود"، كان أحدها. كل من مرّ بقربه شعر برجفة باردة تسري في عموده الفقري، كما لو أن البيت يتنفس بصمت خلف جدرانه المتشققة.

المشهد

كان آدم، صحفي شاب في منتصف العشرينات، يبحث عن قصة تُعيد اسمه إلى الواجهة بعد سلسلة من المقالات الفاشلة. سمع عن البيت رقم 111 من عجوز في المقهى، تمتمت باسمه كأنها تذكر لعنة قديمة. قال له النادل:
"اللي يدخل ذاك البيت... ما يطلع نفسه".
الفضول التهمه من الداخل. كان البيت في نهاية الزقاق، محاطًا بأشجار جافة كأنها تمتص الضوء. الأبواب مغلقة بسلاسل صدئة، والنوافذ مغطاة بستائر تمزقت مع الزمن.
آدم وقف أمامه، ودقات قلبه تتسارع كأنها تُحذّره. لكن الصحفي بداخله انتصر. أخرج مصباحه، ودفع الباب... فانفتح بصوت صرير طويل، كأن أحدهم ينتظره في الداخل.

خاتمة الفصل

دخل آدم بخطوات مترددة، ليكتشف أن أول من ينتظره ليس شبحًا... بل ذاكرته نفسها.

الفصل الثاني: الصوت خلف الجدار

تمهيد

الظلام داخل البيت كان كثيفًا لدرجة أن الضوء بدا وكأنه يُبتلع. رائحة العفن والغبار والحديد الصدئ كانت تخترق الأنف كإبر مسمومة.

المشهد

في الداخل، كانت الجدران تحمل كتابات محفورة بمسمار، بعضها يبدو حديثًا بشكل مريب. كلمات مبعثرة: "لا تلتفت"، "ابقَ صامتًا"، "العين ترى ما لا يجب".
آدم تقدّم نحو الصالة، حيث الموقد مغطى بالرماد. فجأة، سمع صوت خافت خلف الجدار، كأن أحدهم يهمس باسمه.
– "آدم... آدم...".
تجمّد في مكانه. لم يكن هناك شبكة أو كهرباء، لكن راديو قديم في الزاوية بدأ يعمل من تلقاء نفسه، يبث موسيقى كلاسيكية مشوشة.
اقترب ببطء منه، لكن الصوت عاد... خلف الجدار هذه المرة. كأنه شيء حيّ... يُراقب.
مدّ يده نحو الجدار البارد، وفجأة... انفتح جزء منه كالباب، تاركًا وراءه ممرًا ضيقًا غارقًا في السواد.

خاتمة الفصل

ابتلع الممر ظلال آدم، تاركًا خلفه صدىً خافتًا... "الداخل لا يخرج".

الفصل الثالث: الغرفة التي تنبض

تمهيد

في أعماق البيت، لم يعد للزمن وجود. عقارب الساعة توقفت، والبرد اشتد رغم أنفاسه المتسارعة.

المشهد

في نهاية الممر، وجد آدم غرفة مغلقة. عندما دفعها، فُتحت كأنها كانت تنتظر منذ عقود. الضوء الخافت من مصباحه أظهر جدرانًا تنزف مادة سوداء لزجة، وسقفًا يتحرك بخفة... كما لو أنه يتنفس.
وسط الغرفة، كانت هناك مرآة مكسورة، ولكن الصورة التي فيها لم تكن صورته. كان رجلًا يشبهه... لكن عيونه دامية، ويبتسم ابتسامة مشوهة.
فجأة، نُقش على الزجاج من الداخل:
"أنت الآن في الداخل... وأنا بالخارج".
آدم صرخ وتراجع، لكن الباب أغلق خلفه، والمرآة بدأت ترتجف. الصوت عاد، هذه المرة من كل الجهات.
– "كم من الأرواح حُبست هنا قبلك؟"

خاتمة الفصل

شعر آدم بشيء يزحف على قدميه، ولم يكن وحده بعد الآن.

الفصل الرابع: الطابق الذي لا يوجد

تمهيد

يحكون أن البيت يحتوي على ثلاثة طوابق فقط... لكن آدم صعد سلّمًا لم يكن موجودًا في البداية.

المشهد

صعد بخطى مترددة، والسلالم تصدر أنينًا طويلًا. كلما ارتفع، ازدادت البرودة، وبدأ يرى صورًا قديمة مُعلّقة على الجدران. وجوه مألوفة... أمه، أخوه، حتى صورته... لكنهم جميعًا ميتون في الصور.
الطابق الرابع كان مغطى بالضباب، والرؤية شبه معدومة. شعر بخطوات خلفه. استدار... لا أحد.
ولكن الأرض اهتزت فجأة، وانشقّت تحت قدميه. سقط في الظلام، لا يدري إلى أين.

خاتمة الفصل

عندما استيقظ، كان في السرداب... محاطًا بجدران حجرية، وعلى كل جدار... مرآة.

الفصل الخامس: النهاية أو البداية؟

تمهيد

البيت لا يسمح بالخروج. الزمن يدور داخله في حلقة، والذين يدخلوه... يصبحون جزءًا من لعنته.

المشهد

آدم لم يعد يعرف كم مضى من الوقت. بدأ يرى نفسه في كل مكان. في المرايا، في الصور، في الظلال.
كل مرة يصرخ... يسمع صوته يعود له مشوهًا:
"أنت القصة التالية".
وفي السرداب، وجد دفترًا قديمًا مكتوبًا عليه:
"قصص قصيرة عن الرعب والغموض – البيت رقم 111".
فتح الدفتر... فوجد قصته، بكل تفاصيلها. حتى اللحظة التي يفتح فيها الدفتر.
– "مَن كتب هذا؟!"
صوت من خلفه أجابه بهدوء شيطاني:
– "أنا... النسخة السابقة منك".

خاتمة الفصل

في صباح اليوم التالي، وجد المارّة الباب مفتوحًا. دخل أحد الفضوليين... ليجد دفترًا على الأرض. الصفحة الأولى كُتب عليها بخط جديد:
"قصص قصيرة عن الرعب والغموض – البيت رقم 111".
أبو ياسر المغربي
أبو ياسر المغربي
تعليقات