الرعب والغموض: الممر الرابع
![]() |
الرعب والغموض: الممر الرابع |
🕯️ الفصل الأول: الباب الذي لا يُفتح
مقدمة الفصل
في كل
بيت قديم سرٌّ مدفون، وفي كل سرٍّ ظلٌّ يهمس في العتمة، يبحث عن من يوقظه من
سباته. لم تكن "ليلى" تدري أن انتقالها للسكن في قصر
"المنسيّين" سيقودها إلى اكتشاف ممرٍّ يغيّر حياتها إلى الأبد. ممرٌّ
رابع... لم يُذكر في أي مخطط، ولم يُفتح منذ قرن من الزمن.
1. الانتقال إلى المجهول
🌫️ كانت الغيوم تتلبد في السماء، والهواء بارداً كأن
الشتاء قرر أن يُلقي بثقله قبل موعده. توقفت سيارة الأجرة أمام قصرٍ عتيق تقف خلفه
غابة كثيفة تُشبه لوحةً زيتيةً كئيبة، يغلفها ضباب خفيف أشبه بنفَس الأشباح.
نزلت
ليلى، الصحفية الشابة، التي قررت أن تبدأ حياة جديدة بعد مأساة فقدان والديها في
حادث غامض. حملت حقيبتها، نظرت إلى المبنى الضخم، وزفرت.
"أهو قرار صائب؟"
كان
القصر، المعروف محليًا بـ"قصر المنسيين"، ضخمًا ذا جدرانٍ حجرية باهتة،
مغطاة باللبلاب الأخضر الداكن. نوافذه مرتفعة، وكأنها تراقب القادمين في صمتٍ مريب.
دخلت
ليلى، يقودها البواب العجوز الذي اكتفى بإيماءات غامضة وعبارات مقتضبة:
"سترتاحين هنا،
لكن لا تفتحي أي باب في الممر الجنوبي."
التفتت
نحوه بدهشة، سألته:
"لماذا؟"
أجاب
بعينين غائرتين:
"لأنه ليس
لنا... ذاك الباب يفتح فقط حين يُدعى."
2. أصوات الليل الأولى
🌘 في تلك الليلة، وبين جدران الغرفة العالية، بدأت
ليلى تشعر بشيء غريب. السكون عميق، لكنه مثقل بأصوات خفية، كأن هناك من يهمس من
وراء الجدران.
استيقظت
على وقع خطوات خفيفة، وكأن شخصًا يركض في الممر القريب. فتحت باب غرفتها وخرجت،
والممر مظلمٌ إلا من نور خافت من مصباح متدلٍّ يهتز ببطء.
نظرت
يسارًا... لا شيء. يمينًا... كانت هناك ثلاثة أبواب خشبية قديمة، خلفها ممر طويل
ومعتم. عادت بسرعة، لكنها قبل أن تغلق باب غرفتها، لاحظت شيئًا غريبًا.
كان
هناك باب رابع خلف عامود مكسوٍّ بالغبار. لم يكن ظاهرًا بوضوح، ولم يسبق أن
لمحته في جولة سابقة داخل القصر. الباب مطلي بلون أحمر باهت، بدون مقبض.
3. السرّ في الخرائط القديمة
📜 في صباح اليوم التالي، قررت ليلى أن تبحث في
أرشيف القصر. وجدت غرفة صغيرة مليئة بالكتب والمخطوطات. بين الأوراق القديمة، وجدت
خريطة شبه محترقة لأجنحة القصر.
عدد
الممرات في الجناح الجنوبي ثلاثة. لكنها لاحظت خدشًا على الحافة... كأن أحدهم حاول
إخفاء خط رابع.
كتبت
في دفترها:
"هل الممر
الرابع حقيقي؟ لماذا تم إخفاؤه؟"
صوت
قادم من الممر جعلها تجفل. همسات طفولية، تكررت مرارًا:
"أين المفاتيح؟
أين المفاتيح؟"
خاتمة الفصل الأول
🕯️ كانت ليلى تدرك أن المكان يخفي أكثر مما يُظهر،
وأن كل خطوة فيه تقربها من حقيقة خطرة. الممر الرابع ليس مجرد بناء، بل بوابة لما
لا يُفترض أن يُفتح. وكانت الليالي القادمة على وشك أن تكشف وجوهًا لا تنتمي
للعالم الذي تعرفه.
🔮 الفصل الثاني: الأصوات من خلف الجدار
مقدمة الفصل
في
الأماكن التي يطغى فيها الصمت، تصبح الهمسات كالسكاكين. وما سمعته ليلى في الليلة
الماضية لم يكن وهمًا، بل دعوة. دعوة من عالم آخر يختبئ خلف الجدار، خلف ذلك الباب
المجهول الذي لا يُفتح... إلا حين يحين الوقت.
1- المذكرة المنسية
📓 عادت ليلى إلى غرفتها، وفي يدها دفتر الملاحظات
القديم. كانت تكتب كل ما تلاحظه، كصحفية تقتفي أثر الحقيقة، لكنها هذه المرة تبحث
عن نجاة شخصية.
بين
الأوراق، وجدت مذكرة قديمة سقطت من أحد الكتب في أرشيف القصر. كانت بخط يدٍ متعثر،
مكتوب عليها:
"استيقظت الليلة على بكاء يأتي من
الجدار. ظننت أنه حلم، حتى رأيت الظلال تمرّ من تحت الباب الأحمر... الممر الرابع
ليس ممرًا. إنه لعنة."
رفعت
ليلى نظرها إلى السقف، وابتلعها صمت ثقيل. هل كانت هذه المذكرة لأحد السكان
السابقين؟ هل اختفوا؟ لماذا لا يتحدث أحد عنهم؟
2- حديث مع البواب العجوز
🕵️♀️ مع شروق الشمس، قررت مواجهة البواب العجوز. كان
يجلس بجانب الموقد، ينفث من غليونه بهدوء.
قالت
له مباشرة:
"الممر
الرابع... ما هو؟"
نظر
إليها طويلاً، ثم قال بصوت خافت:
"أنتِ رأيتِ
الباب، أليس كذلك؟"
أومأت
برأسها.
تنهد:
"من يرى الباب
لا يعود كما كان. نحن لا نسكن القصر، بل هو من يسكننا. منذ مئة عام، فُتح الباب
الرابع، ودخلت امرأة تُدعى ‘نوال’. لم نجدها قط. فقط بقع دم جافّة على الأرض، و...
صوتها، لا يزال يُنادي."
3- الجدار يتنفس
🌫️ مع حلول الليل، حدث أمر غريب. كانت ليلى تراقب
الجدار القريب من الباب الرابع، عندما شعرت أن الجدار ينبض... نعم، كأنه يتنفس!
وضعت
يدها عليه، فشعرت بحرارة باطنية، وكأن خلفه نيرانًا مشتعلة، أو كائنًا حيًّا
يترقّب اللحظة المناسبة.
فجأة،
سقطت صورة قديمة كانت معلّقة على الحائط. نظرت إليها... كانت صورة جماعية لستة
أشخاص، أمام باب الممر الرابع. المثير أن نصف الوجوه كانت مشوشة، كأن شخصًا ما
حكّها عمدًا.
وفي
الخلف، كُتب:
"من
يطرق... لا يخرج."
4- الأصوات تتجسّد
🕯️ في منتصف الليل، استيقظت ليلى على صوت طرق خفيف،
متتالٍ، منتظم.
"طَرق... طَرق... طَرق..."
نهضت
ببطء، وتبعت الصوت، وهي تشعر بأنفاسها تزداد ثقلاً، وقلبها ينبض كما لو أنه يركض
داخل صدرها.
اقتربت
من الممر الجنوبي. كل الأبواب كانت مغلقة... ما عدا الباب الرابع. كان قد انفتح
قليلاً من تلقاء نفسه.
ومن
داخله، خرج همسٌ كأنما آتٍ من قاع بئر:
"ليلى... افتحي الباب... لقد عُدتُ."
شهقت!
الصوت كان صوت والدتها، التي ماتت في الحادث قبل أشهر. لكن كيف؟ مستحيل! ركضت
عائدة لغرفتها وهي تلهث كمن نجا من موت محتوم.
خاتمة الفصل الثاني
🔮 كانت ليلى تعلم الآن أنها لم تكن تتخيل، وأن
الأصوات خلف الجدار ليست هلوسات. هناك شيء ينتظر خلف الباب الرابع. شيء يعرف
اسمها، يعرف وجعها، ويستخدمه للدخول إلى عالمها.
لكنها
لم تدرك بعد... أن ما خلف الجدار لا يريد الخروج فقط، بل يريد أن يأخذ مكانها.
الفصل الثالث: مرآة الماضي
مقدمة الفصل
الذكريات
قد تكون مجرد صورٍ ذهنية... إلا إذا انعكست في مرآة لا تعكس الواقع، بل الماضي
نفسه. في هذا الفصل، تبدأ ليلى برؤية لمحات من التاريخ المظلم للقصر، من خلال
مرآةٍ صدئة... تُظهر ما لا يجب أن يُرى، وتُعيد إحياء أرواح لا تنام.
1. المرآة في العلية
📦 صعدت ليلى إلى العلية بدافع من الفضول والخوف.
الباب المؤدي إليها كان مغطى بطبقة كثيفة من الغبار والعناكب، وكأن أحدًا لم يلمسه
منذ سنين. كان الظلام دامسًا، ومع كل خطوة تصدر صريرًا يُقشعر له البدن.
عندما
دخلت، لم يكن هناك سوى صندوق خشبي مهترئ، و... مرآة كبيرة مغطاة بقطعة قماش سوداء.
شيء ما بداخلها كان يدعو ليلى للاقتراب، كأن صدى خفيًا ينادي باسمها.
رفعت
القماش بحذر.
انعكس
وجهها أولاً، لكنه سرعان ما تغيّر... وظهر مشهد لم تكن حاضرة فيه. امرأة ترتدي
فستانًا أبيض قديمًا، تنظر في المرآة وهي تبكي بحرقة، وخلفها... الباب الأحمر
يُفتح ببطء.
صرخت
ليلى وتراجعت، لكن المرآة عكست صورة أخرى: هي نفسها، واقفة في الممر الرابع، تنظر
إلى جسدها ملقى على الأرض!
2.
يوميات "نوال"
📖 عادت ليلى إلى المكتبة، قلبها يخفق بقوة. كانت
تشعر أن القصر يحاول أن يُخبرها شيئًا. هناك رسالة... لغز يتكرر.
بينما
كانت تبحث في الأدراج، وجدت دفترًا جلديًا مغبرًا، يحمل اسمًا باهتًا: "نوال العلوي".
بدأت
تقرأ، والدهشة تغمرها:
"دخلت القصر بحثًا عن الراحة بعد
الحرب، لكن الباب الرابع لا يمنح الراحة... بل يأخذك قطعةً قطعة. رأيت نفسي داخل
المرآة أصرخ، لكن جسدي لا يتحرك. أنا لست ميتة... فقط محبوسة."
كانت
نوال هي المرأة التي ظهرت في المرآة!
سألت
نفسها:
"هل الممر
الرابع يبتلع الأرواح؟ هل هو نوع من البوابات؟"
3. الجلسة الروحية
🔮 لم تجد ليلى مفرًا سوى التواصل مع "الحاجة
زهرة"، سيدة مسنّة مشهورة بين سكان القرية بأنها "تسمع ما لا يُسمع".
دخلت
الحاجة زهرة القصر بعد تردد، تمتمت وهي تضع ملحًا خشنًا حول الغرفة.
قالت:
"هذا المكان لا
ينام، الطفل ما زال يبكي، والأم تنتظر الفتح."
فوجئت
ليلى:
"أي طفل؟ أمي
ماتت من شهور، ولكن سمعت صوتها خلف الباب!"
أجابت
الحاجة بثقل:
"ليسوا هم من
يُنادونك، بل شيء يستخدم صوتهم. كل ما في هذا القصر يشتهي أن تفتحي ذلك الباب. إن
فعلتِ... ستصبحين واحدة منهم."
ثم
نظرت إلى المرآة، ورفعت يدها بتردد:
"المرآة سُحرت
لتعكس من دخلوا الممر... ولم يعودوا."
4. انعكاس الحقيقة
🪞 في تلك الليلة، جلست ليلى أمام
المرآة، تحمل دفتر نوال في يد، وصورة القاطنين القدامى في اليد الأخرى.
ثم
همست:
"أريد أن أراكِ
يا نوال... أريني ما حدث."
تغير
سطح المرآة فجأة، وبدأ مشهد يتكون ببطء. كانت نوال تمشي بخطوات مترددة نحو الممر
الرابع، ثم فجأة تظهر امرأة أخرى تسحبها للداخل. لم تكن بشرًا. وجهها مشوّه، بلا
ملامح حقيقية، بل عينان سوداوان كالهوة.
ثم
التفتت الكائن داخل المرآة... ونظرت مباشرة إلى ليلى. همست:
"دوركِ الآن."
خاتمة الفصل الثالث
باتت
ليلى تدرك أن القصر لا يكتفي بمراقبتها، بل يريد ابتلاعها. المرآة لم تكن مجرد
زجاج، بل نافذة لما وراء الزمان. وما رأته ليس النهاية، بل البداية. فكل الذين
دخلوا الممر الرابع عادوا... بشكل مختلف.
لكن
السؤال الآن: هل ليلى ستنجو قبل أن تنعكس صورتها للأبد في مرآة الماضي؟
🧠 الفصل الرابع: نداء الممر
مقدمة الفصل
عندما
يُصبح الخوف صوتًا يناديك، ويأخذ شكل وجوهٍ تعرفها، يتسلل إليك لا عبر الأبواب، بل
عبر عقلك. في هذا الفصل، تبدأ ليلى في فقدان قدرتها على التمييز بين الواقع
والكوابيس، ويزداد نفوذ الممر الرابع عليها. لقد بدأ النداء... والقرار بات على
وشك أن يُحسم.
1- الهواجس الأولى
🛏️ منذ تلك الليلة، بدأت ليلى تسمع الصوت ذاته عند
منتصف كل ليل. لم يكن صوتًا بشريًا، بل مزيجًا بين همسات امرأة وبكاء طفل، يُشبه
صدى بعيد يأتي من داخل أعماقها.
عندما
كانت تُغلق عينيها، كانت ترى مشاهد غريبة:
- الممر
يغلق خلفها وهي داخله.
- المرآة
تُكسر فجأة ويخرج منها ظل طويل.
- جسدها
ممدد على الأرض وهي تراقب نفسها من الأعلى.
استيقظت
مرارًا تصرخ وتبكي، وكل مرة كانت تجد شيئًا جديدًا على الوسادة... خصلات شعر غريب،
أو رماد أسود، أو أثر يدٍ صغيرة عليها بقع دم.
2- لعبة العقل
🌀 قررت ليلى مغادرة القصر لبضعة أيام، لكن ما إن
اقتربت من بوابة الحديقة حتى أغمي عليها. وحين فتحت عينيها... كانت في غرفتها
مجددًا، لكن شيئًا تغير.
السقف
كان مغطى بطبقة من العفن، والجدران تمتلئ بشروخ تشبه وجوهًا تصرخ. الساعة كانت
تشير إلى "04:44"... نفس الرقم الذي رأته منقوشًا على الباب الرابع.
ركضت
إلى المرآة، لكن لم يكن هناك انعكاس.
أمسكت
رأسها وصرخت:
"أنا لست
مجنونة! هذا حلم، فقط حلم!"
لكنها
سمعت صوتها يُردّد من خلف الجدار:
"أنتِ مستيقظة... فقط في المكان الخطأ."
3- زيارة الطبيب
🩺 في محاولة لفهم ما تمرّ به، استعانت ليلى بطبيب
نفسي يُدعى "د. نديم"، وأخبرته بكل شيء. لم يضحك، بل بدا قلقًا للغاية.
قال
لها:
"ما تصفينه
يُشبه ما يُعرف بـ هوس الانعكاس، وهو مرض نادر يجعل الشخص يؤمن أن هنالك
بُعدًا آخر خلف المرايا."
سألته:
"وماذا عن الممر
الرابع؟ عن المرآة التي تُظهر أحداثًا لم تحدث بعد؟ عن صوت أمي؟"
ردّ
بهدوء:
"قد تكونين عرضة
لتلاعب ما. قد لا يكون مرضًا. قد يكون... شيء أكبر."
ثم همس:
"أتعلمين أنني
كنت هنا منذ عشرين عامًا؟ وفتحت الباب الرابع؟"
تجمدت
ليلى في مكانها.
قال
بوجه شاحب:
"أنا الوحيد
الذي خرج... لكن لا شيء بداخلي خرج معي."
4- الطقوس المنسية
🕯️ قررت ليلى أن تخوض المواجهة الأخيرة. استعادت
كلمات الحاجة زهرة، وبدأت بجمع أدوات الحماية القديمة: ملح، شموع سوداء، بخور،
صورة والدتها، وخريطة القصر الأصلية.
في
منتصف الليل، وضعت دائرة الحماية حول نفسها، وأشعلت الشموع. جلست في مركز الدائرة،
وبدأت تتلو الآيات والدعوات.
لكن
الأرض اهتزت قليلاً. شمعة انطفأت.
ثم...
فُتح الباب الرابع، دون أن يُلمسه أحد.
خرج
منه هواء بارد، وموجة من الهمسات، وأصوات خطوات صغيرة تركض، وصرخات متداخلة لا
تُفهم.
ثم خرج
ظل... طويل، ملتف كسحابة دخان... وتكوّن تدريجيًا في هيئة وجه والدتها، لكن بعيون
بيضاء وابتسامة مشقوقة.
قالت
ليلى:
"لستِ أمي..."
فقال
الكائن:
"أنا ما تبقّى منها... بعد أن دخلت."
خاتمة الفصل الرابع
🧠 لم يعد أمام ليلى سوى خيارين: أن تستجيب للنداء
وتدخل الممر بنفسها، على أمل إنهاء اللعنة، أو أن تهرب، وتعيش مع ذكرى من تحبهم
مسكونة إلى الأبد.
لكنها
بدأت تشك:
هل حقًا كانت
خارج الممر طوال هذا الوقت؟
أم أنها دخلته
بالفعل... قبل أسابيع، ولم تنتبه؟
🚪 الفصل الخامس: العبور الأخير
مقدمة الفصل
كل
الطرق قادت ليلى إلى ذلك الباب. الباب الرابع لم يكن مجرد ممر، بل امتحان نهائي
لكل من تسوّل له نفسه الدخول. في هذا الفصل، تكشف ليلى الستار عن التاريخ المظلم
للقصر، وتجد نفسها في مواجهة مع الحقيقة... وذاتها.
1. الطقس الأسود
🌑 اختارت ليلى ليلة القمر الجديد للعبور. في
التقاليد القديمة، يُقال إن القمر الجديد هو أنسب وقت لفتح بوابات العوالم الأخرى.
ارتدت ثوبًا أسود طويلًا، وربطت شعرها بخيط أحمر كما أوصتها الحاجة زهرة.
أمام
الباب، وضعت شمعة واحدة، وأشعلتها، ثم فتحت دفتر "نوال" وقرأت آخر صفحة:
"من يعبر، لا يعود كما كان. لا تبحث
عن من تحبهم، بل ابحث عن ما تبقّى منك."
وضعت
يدها على المقبض البارد، وفتحته ببطء.
2. ما وراء الممر
🕳️ ما إن عبرت الباب، حتى تغير كل شيء. الممر الرابع
لم يكن ممرًا فعليًا، بل فضاء مظلم يتغيّر باستمرار. الجدران تنبض وكأنها جلد حي،
والأرضية تُصدر صوت تنفّس عميق.
أصبحت
ليلى ترى صورًا طافية في الهواء:
- والدتها
تُحاول الهرب، لكن تُسحب.
- نوال تصرخ
وتتحول لرماد.
- والدها،
الذي قيل لها إنه مات في حادث... كان هنا، في الممر، يصرخ باسمها.
الزمن
في الداخل لا يسير للأمام. بل يلتفّ حول ذاته.
3. قاعة الوجوه
🪞 وجدت نفسها فجأة في قاعة واسعة،
تملؤها المرايا من كل الجهات. لكن هذه المرايا لم تعكس شكلها... بل وجوه من ماتوا.
اقتربت
من مرآة، فرأت نوال تنظر إليها وتهمس:
"أنتِ الأمل الأخير... حررينا."
اقتربت
من مرآة أخرى، فرأت والدتها تقول بصوت مبحوح:
"أغلقي الباب... قبل أن يخرج."
فجأة،
بدأت كل المرايا تتحطم، وخرج منها ظلال بشرية تهجم عليها. ركضت ليلى نحو المركز،
حيث كان هناك باب صغير مضاء بلون ذهبي.
4. الحقيقة المدفونة
📜 دخلت من الباب، فوجدت نفسها في غرفة بسيطة، تحتوي
على مكتب خشبي قديم، ورف مليء بالكتب. فتحت أحد الدفاتر، وكان عنوانه:
"سجل
الأرواح الضائعة – إدارة القصر 1893"
بدأت
تقرأ، وعرفت الحقيقة:
- القصر كان
في السابق مستشفى للأمراض النفسية.
- الممر
الرابع كان يُستخدم لعزل "الحالات الميؤوس منها".
- المرضى
كانوا يُحبسون هناك حتى يختفوا... حرفيًا.
- الطبيب
المسؤول كان يُجري تجارب على المرايا باعتبارها بوابات للوعي البشري... وفشل.
وفجأة،
دخلت شخصية غامضة ترتدي قناعًا أبيض، وقالت:
"أنتِ الآن تعرفين... لكن المعرفة
ثمنها الفتح."
5. قرار اللاعودة
⚖️ عاد الظلام مجددًا. أصبح الممر ينهار خلفها،
والصرخات تزداد. لم يكن أمامها سوى خيار واحد: أن تجد قلب الباب وتُغلقه إلى
الأبد... حتى لو بقيت بالداخل.
وجدت
ركيزة حجرية في وسط الممر، عليها رمز غامض. أدركت بفطرتها أنه مفتاح الإغلاق.
وضعت
يدها عليه، وأغمضت عينيها، وتذكرت كل من فقدتهم، ثم همست:
"ليعودوا إلى
النور... سأبقى."
أضاء
المكان بضوء ساطع. اهتزت الأرض، وصرخت الأرواح... ثم هدأ كل شيء.
خاتمة الفصل الخامس
🚪 عندما استيقظ سكان القرية في الصباح، وجدوا القصر
وقد احترق بالكامل. لم يُعثر على أي أثر لليلى. لكن منذ ذلك اليوم، لم يُسمع أي
نداء من الممر الرابع مجددًا.
أما
الحاجة زهرة، فقالت للناس:
"ضحية أخرى؟
لا... كانت الحارسة الأخيرة. لقد أُغلق الباب، لكن المرآة... ما زالت تبحث عن عيون
جديدة."
الفصل السادس: المرآة المفتوحة
مقدمة الفصل
كل
نهاية ليست سوى بداية لقصة أخرى...
حين تُغلق
الأبواب، تتكلم المرايا. في هذا الفصل الأخير، نعود إلى القصر من زاوية أخرى.
اللعنة لم
تنتهِ تمامًا، بل تبدّلت. والمرآة... لا تزال تنظر.
1- المشتري الجديد
🏚️ بعد مرور ستة أشهر على احتراق القصر، أعلنت
الدولة عرض الأرض للبيع في مزاد علني. لم يتقدّم أحد... سوى رجل غريب، أربعيني،
يُدعى يوسف العازمي، كاتب روايات رعب معروف بفضوله المفرط تجاه الأماكن
المسكونة.
قال
للصحفيين مبتسمًا:
"ربما سأجد الإلهام لروايتي الجديدة
هناك."
بالفعل،
اشترى أنقاض القصر، وبدأ بإعادة بنائه قطعة قطعة، بنفس التصميم القديم. حتى غرفة
الممرات... أعادها بدقة عجيبة.
2- ظهور المرآة
📦 أثناء التنقيب بين أنقاض القبو، عثر العمال على مرآة
قديمة مغطاة بخرقة سوداء ومختومة بشمع أحمر.
حاولوا
رميها، لكن يوسف أصر على الاحتفاظ بها.
"هذه ستكون القطعة المركزية في
مكتبي!" قالها ضاحكًا.
لم يكن
يعلم أنها ليست مجرد مرآة... بل بوابة أُغلقت بقوة التضحية، وتنتظر فقط نظرة عيون
جديدة لتُفتح من جديد.
3- الرسائل الأولى
🧾 بعد أسبوع من إحضار المرآة، بدأ يوسف يرى كلمات
تُكتب من تلقاء نفسها على جدران مكتبه:
- "هي لم تمت."
- "الممر الرابع لا يُغلق."
- "أين الدفتر؟"
ظنها
هلوسات بسبب ضغط العمل، لكنه قرر مراجعة الصور التي التقطها في القصر، فلاحظ وجه
فتاة يظهر في زوايا عدة صور، كانت ترتدي الأسود... وتبكي.
كانت
ليلى.
4- لقاء عبر الزجاج
🪞 في إحدى الليالي، جلس يوسف أمام
المرآة وبدأ في تدوين روايته. فجأة، تحوّل انعكاسه إلى مشهد غريب: الممر الرابع،
مضاء بشموع، وتظهر فيه فتاة واقفة عند الباب، تنظر إليه مباشرة.
همست:
"لا تكتب عنها... لا تلمس التاريخ."
لكن
كلما حاول الابتعاد، جذبه الضوء نحو الزجاج. أصابع خفية بدأت تُخدش سطح المرآة من
الداخل.
ثم
كُتب بالدم:
"أنت
التالي."
5- فتح جديد
🔓 قرر يوسف تجاهل التحذيرات، بل استغلها في روايته،
ونشر أول فصل بعنوان:
"حارسة
الممر الرابع"
الضجة
التي صاحبت الإصدار دفعت الآلاف لزيارة القصر، وتم تحويله إلى متحف رعب.
لكن
بعد أسبوع فقط من الافتتاح...
اختفى أول
زائر. ثم الثاني.
وأغلقت
الكاميرات فجأة في غرفة الممر.
أُعيد
فتح الباب الرابع… دون أن يلمسه أحد.
خاتمة القصة: عودة الظل
🌫️ قبل أن يُغلق يوسف ملف القصر، نظر إلى المرآة
وقال ساخرًا:
"لم يكن هذا
حقيقيًا..."
لكن
آخر ما سجلته الكاميرا الأمنية كان صورته، وهو يُسحب عبر سطح المرآة، ويختفي كأنه
لم يكن.
ثم
أضاءت شاشة صغيرة في المتحف:
"ليست النهاية... الممر الآن يبحث عن
كاتب جديد."