قصص الرعب والغموض، الرسالة التي كتبت نفسها

 قصص الرعب والغموض، الرسالة التي كتبت نفسها

 

قصص الرعب والغموض، الرسالة التي كتبت نفسها
قصص الرعب والغموض، الرسالة التي كتبت نفسها

الفصل الأول: البداية الغامضة

المقدمة

في تلك الليلة المقمرة، حيث تراقصت ظلال الأشجار على الجدران العتيقة، شعر "سليم" بقشعريرة غريبة تسري في جسده. لم يكن يعلم أن تلك الرسالة التي عثر عليها ستفتح أبواب الرعب أمامه، وأنها ستكون أول خيط في متاهة من الغموض والموت.


المشهد الأول: الورقة الغامضة

كان سليم شابًا في الثلاثين من عمره، يعمل كاتبًا في إحدى الصحف المحلية. جلس في شقته المتواضعة يكتب مقالًا جديدًا حين سمع طرقًا خفيفًا على النافذة. التفت ببطء، فرأى ورقة قديمة صفراء اللون ملتصقة بالزجاج من الخارج. ترددت أنفاسه للحظة، إذ لم يكن يتوقع أن يزوره أحد في هذه الساعة المتأخرة.

اقترب بحذر، فتح النافذة وأمسك الورقة التي بدت كأنها كتبت منذ عقود. كانت الورقة ترتعش بين أصابعه، وكأنها تحمل سرًا رهيبًا ينتظر الانكشاف. تطلع إلى الكلمات المبعثرة على سطحها، وقرأ: "أكتب لك ما لا يُكتب… وأرى ما لا يُرى…". ارتعش قلبه حين شعر بأن الكلمات تنبض بالحياة، وكأنها كتبت نفسها في تلك اللحظة!

المشهد الثاني: رهبة في الظلال

ألقى نظرة خاطفة إلى الغرفة. كل شيء بدا عاديًا، لكن في صدره سكن شعور لا يوصف بالخطر الداهم. سمع صوت الرياح يزمجر في الخارج، وصوت صرير باب خزانة الملابس. تساءل: هل هو صدى الخوف داخله أم أن الغرفة تخبئ له سرًا مظلمًا؟

حدق سليم في الورقة مجددًا، فإذا بالحروف تتغير أمام عينيه! بدأت تتشكل كلمات جديدة: "إذا أردت أن تعرف الحقيقة، ابحث في الطابق السفلي." تجمد الدم في عروقه، وارتعدت أطرافه. كان يعلم أن المبنى قديم، لكن الطابق السفلي كان دائمًا مغلقًا ومهجورًا. لِمَ الآن تُفتح له تلك البوابة المظلمة؟

المشهد الثالث: الخوف والفضول

حاول سليم تجاهل الأمر. أقنع نفسه بأنها مجرد خدعة بصرية أو ربما حلم. لكنه شعر بقوة خفية تدفعه إلى الطابق السفلي. نهض من مقعده ببطء، تلمس أطراف الغرفة بيد مرتجفة، وكأنه يستجمع شجاعته في الظلام.

فتح باب شقته وخرج إلى الممر. كان الممر مضاءً بمصابيح باهتة تصدر طنينًا مزعجًا، فيما رائحة الرطوبة تعبق في المكان. خطواته على الأرضية الخشبية أحدثت صدى كئيبًا، وكلما اقترب من السلالم المؤدية للطابق السفلي، كان قلبه يخفق كطبول الحرب.

خاتمة الفصل

توقف عند مدخل السلم الحجري المتهالك، وأحس بثقل العالم كله فوق كتفيه. في عتمة الطابق السفلي، شعر بأنفاس الماضي تتردد في الظلال، وتلك الرسالة الغامضة تحفر في روحه وعدًا مرعبًا. هل سيجرؤ على النزول؟ وهل سيجد الحقيقة أم يكتشف كابوسًا أسود لا نهاية له؟

 

الفصل الثاني: الطابق السفلي المظلم

المقدمة

في الظلال الباردة للطابق السفلي، حيث تهمس الجدران بأسرار لم يجرؤ أحد على سماعها، مضى سليم بثقل خطواته. تلك الورقة الغامضة التي كتبت نفسها لم تكن مجرد بداية، بل كانت بوابة إلى عالم آخر، حيث كل شيء ينبض بالخطر والظلال تسكن العيون.

المشهد الأول: أولى خطوات الرعب

هبط سليم السلالم الحجرية بصعوبة. كل خطوة أحدثت صريرًا كئيبًا، كأن الأرض تئن تحت وطأة خطواته. كان يحمل مصباحًا يدويًا، لكن الضوء بدا باهتًا، وكأنه يخشى كشف ما يختبئ في الزوايا المظلمة.

وصل إلى أسفل الدرج، حيث استقبلته رائحة عفنة من الرطوبة والتراب. الغبار عالق في الهواء، يلتف حول المصباح كدوامات أشباح. وقف سليم للحظة، يسمع خفقان قلبه يتسارع، يتردد صداه في صمت المكان.

المشهد الثاني: الغرفة المقفلة

في نهاية الممر المظلم، لاحظ بابًا خشبيًا متهالكًا، بُلي بفعل الزمن. كان الباب مغلقًا بسلسلة صدئة، تتدلّى منها قفل قديم. اقترب ببطء، وعيناه تحدقان في النقوش الغريبة على الخشب. أشكال غامضة، كأنها عيون تنظر إليه أو ربما شياطين تتربص.

مد يده بحذر، لامس القفل البارد، شعر بقشعريرة تسري في أصابعه. فجأة، انفرجت السلسلة كأنها تفتح نفسها! اهتزت يداه من الخوف، لكنه وجد نفسه يدفع الباب ببطء… يئن الباب ويصرخ في صمته الرهيب.

المشهد الثالث: الرسالة الثانية

داخل الغرفة، كان الظلام كثيفًا كالحبر. وجه المصباح يدويًا في كل زاوية، لكن كل ما رآه كان الغبار والأثاث المكسور. في ركن مهجور، لمح صندوقًا خشبيًا صغيرًا عليه طبقات من التراب.

فتح الصندوق بيد مرتعشة، فوجد بداخله ورقة أخرى. نفس الخط الغامض ينساب على السطور:
"أنت تقترب… لا تنظر للخلف، فالظلال تحرس الحقيقة."
تسارعت أنفاسه، شعر بأن الغرفة تضيق عليه. ارتجف المصباح في يده، وكاد يسقط.

المشهد الرابع: الأصوات الغامضة

في تلك اللحظة، سمع صوتًا خافتًا، كأن أحدًا يهمس باسمه في الظلام.
– "سليم…"
التفت بسرعة، لكن لم يرَ أحدًا. عاد الصوت مجددًا، أقرب… أقرب
– "سليم…"
صدى صوته تردد بين الجدران العتيقة، فيما شعر بأنفاس باردة تعبر رقبته. تراجع خطوة إلى الوراء، ضرب صدره هلعًا، لكنه تمسك بالورقة الثانية، وكأنها الوحيدة التي ستقوده لفهم هذا الكابوس.

خاتمة الفصل

خرج سليم من الغرفة مسرعًا، والورقة الجديدة ترتعد في يده. شعر بأن هذا الطابق السفلي ليس مجرد مكان مظلم، بل عالم حي ينبض بالغموض. تساءل في داخله: من كتب هذه الرسائل؟ وهل ما زال هناك من يراقبه في الظلال؟

 

الفصل الثالث: همسات الماضي

المقدمة

عاد سليم إلى شقته، لكن الطابق السفلي ترك في قلبه خوفًا لم يعرفه من قبل. كانت الورقة الثانية في يده مثل تعويذة غامضة، تتحدى عقله وتغريه بالغوص أكثر في الظلال. جلس على مكتبه، وأشعل شمعة واهنة، محاولًا أن يلتقط أنفاسه… لكن الهمسات لم تتوقف.

المشهد الأول: الغرفة القديمة

تأمل سليم الورقة الثانية، يقرأ الكلمات الغامضة مرارًا. صدى الهمسات يطارد عقله: "لا تنظر للخلف… لا تنظر للخلف". شعر بعرق بارد ينساب من جبينه، وكأن جدار الغرفة يضيق عليه.
– "ماذا يعني هذا؟" تمتم لنفسه، لكن صوته بدا غريبًا، كأنه ليس صوته.

تذكر الطابق السفلي، رائحة العفن، وصدى الخطوات الذي يلاحقه. رفع عينيه نحو النافذة، فرأى ظلالًا عابرة على الزجاج… هل يتوهم أم أن هناك من يراقبه؟

المشهد الثاني: رسالة من المجهول

قرر سليم أن يبحث أكثر. توجه إلى المكتبة العتيقة في غرفته، حيث يحتفظ بكتب نادرة عن الأساطير والأرواح. سحب كتابًا أسود الغلاف، أوراقه بالية لكن عناوينه تنبض بالغموض: "أسرار الظلال".

فتح الكتاب بعناية، فوجد صفحة مكتوب عليها بخط يدوي يشبه خط الرسالة:
"كل من يرى هذه الكلمات يصبح جزءًا من اللعنة…".
ارتعد جسده، شعر وكأن الكلمات تُزرع في رأسه. أغلق الكتاب بسرعة، لكن صدى العبارة ظل يهمس في قلبه.

المشهد الثالث: لقاء في الحلم

في تلك الليلة، غلبه النعاس. حلم بسلم طويل ينزل به إلى عالم أسود بلا أبواب ولا نوافذ. كان يسمع همسات خافتة من كل الجهات:
– "الحقيقة في الظلال… الحقيقة في الظلال…"
في نهاية السلم، رأى امرأة ترتدي ثوبًا أسود طويلًا، شعرها يتدلى على وجهها، وصوتها كأن الرياح تهدر:
– "سليم… لا تهرب… أنت من كتب الرسالة…"

استيقظ وهو يلهث، قلبه يدق كالمطرقة، ودم بارد ينساب في عروقه. تذكر كلماتها: "أنت من كتب الرسالة…"
لكن كيف؟ لم يكن هو من كتبها… أو ربما كان؟

المشهد الرابع: البحث عن الحقيقة

مع شروق الشمس، نهض سليم وهو أكثر إصرارًا. حمل الورقتين وخرج من شقته. قرر الذهاب إلى مكتبة المدينة القديمة، لعل هناك من يعرف معنى هذه الرسائل. كان المبنى العتيق للمكتبة يلوح له كأنه يراقبه، وأبوابها تصدر صريرًا حادًا مع كل نسمة هواء.

دخل المكتبة، وصوت خطواته على الأرضية الرخامية يتردد في الفراغ. جلس خلف مكتب الاستقبال رجل مسن، عيناه غائرتان كأنهما تعرفان كل أسرار العالم. سأل سليم بصوت متهدج:
– "هل تعرف شيئًا عن رسائل… تكتب نفسها؟"
ابتسم الرجل بهدوء، وقال بصوت منخفض:
– "هذه الرسائل كتبت منذ زمن بعيد… من دمك أنت، ومن ماضيك أنت…"

خاتمة الفصل

تجمد سليم في مكانه، وشعر أن الأرض تهتز من تحته. لم يفهم كيف يمكن أن تكون هذه الكلمات من دمه وماضيه. لكن شيئًا بداخله أخبره أن هذه ليست سوى البداية… وأن الظلال لم تفرغ بعد من أسرارها.

 

الفصل الرابع: مكتبة الظلال

المقدمة

في قلب المكتبة القديمة، حيث اختبأت آلاف الكتب والهمسات، بدأ سليم يشعر بأن الحقيقة على بُعد أنفاس منه. لكن ما لم يعلمه أن كل كتاب هنا يمكنه أن يلتهم قلبه، وأنه ليس وحده في هذا المكان الذي يبتلع الضوء.

المشهد الأول: مواجهة الغموض

اقترب سليم من الرجل العجوز، حاول أن يخفي خوفه خلف صوته المرتعش:
– "ماذا تعني بكلماتك؟ كيف تكون هذه الرسائل من دمي وماضيّ؟"
حدق الرجل فيه طويلاً، وعيناه تلمعان بنور غامض. قال ببطء:
– "هناك أسرار لا تُقال… أنت بدأت رحلتك، وليس لك خيار بعد الآن."

مدّ الرجل يده، وأخرج كتابًا مغطى بالغبار الكثيف، غلافه جلدي أسود بنقوش فضية. وضعه أمام سليم، وقال بصوت عميق:
– "اقرأ… ستفهم."

المشهد الثاني: الكتاب الملعون

فتح سليم الكتاب بحذر. رائحة قديمة كأنها بقايا مقابر خرجت منه، وجسده كله انتفض من البرد المفاجئ. صفحات الكتاب كانت مليئة برموز قديمة وصور غريبة، بينها صفحة مكتوب عليها:
"الحقيقة تعيش في الظلال، ومن يقرأ هذا سيُسجن فيها."

كاد يغلق الكتاب من الرعب، لكن يده ظلت عالقة، وكأن قوة خفية تمنعه. رأى صورًا تُشبه ما رآه في أحلامه: امرأة في ثوب أسود، باب قديم، ورسائل تُكتب وحدها. شعر أن قلبه يُسحب ببطء إلى داخل الصفحات.

المشهد الثالث: صدى الماضي

همس العجوز وكأنه يقرأ أفكاره:
– "هذه الصور ليست في الكتاب… إنها فيك أنت."
تراجع سليم بصدمة:
– "كيف ذلك؟ أنا لا أتذكر شيئًا!"
ضحك الرجل العجوز، صوته أجش كأن صدى الموت:
– "هناك ماضي دُفن في قلبك… والرسالة أعادت فتحه."

في تلك اللحظة، شعر سليم بحرارة غريبة في صدره. كأن الكلمات تحترق داخله.
– "أخبرني، ما الذي يحدث لي؟!"
رد العجوز:
– "أنت مرتبط بهذا البيت… بهذا الظلام… من زمن لم يعد يُقاس بالسنوات."

المشهد الرابع: ظهور المرأة الغامضة

قبل أن يفيق من صدمته، ظهرت أمامه المرأة التي رآها في حلمه. نفس الثوب الأسود، نفس العيون التي تلمع كوميض البرق. لم يتكلم، لكن صوتهما تلاقى في الظلال:
– "سليم… كل ما تراه مكتوب على الورق، هو ما كتبته روحك يومًا ما…"

مدت يدها ببطء، وضعت أصابعها على جبهته. شعر كأن جسده كله يغرق في دوامة من الأصوات والصور. صرخ، لكن صوته اختفى في العدم.

خاتمة الفصل

أفاق سليم وهو ملقى على أرض المكتبة، والكتاب الأسود مفتوح أمامه. الرجل العجوز اختفى، والمرأة الغامضة لم تترك سوى رائحة زهور الموت. نظر إلى يده، فوجد ورقة جديدة كُتبت وحدها:
"الطريق مفتوح… والظلال بانتظارك."

 

الفصل الخامس: الطريق إلى الظلال

المقدمة

لم يكن سليم يعلم أنه مع كل ورقة تُكتب وحدها، كانت روحه تنسلخ شيئًا فشيئًا من جسده. وبينما خرج من المكتبة، كان الليل قد تمدد كوشاح أسود يبتلع الشوارع. لم يكن وحده… كان هناك من يراقبه، يهمس له بأن الطريق قد بدأ.

المشهد الأول: علامات على الطريق

خطا سليم ببطء، والريح تعوي بين الأزقة كأنها تعزف نشيد الظلال. كلما ابتعد عن المكتبة، شعر أن المدينة غدت أكثر كآبة. لوحات الإعلانات على الجدران تنزف حبرًا أسود، والأضواء الخافتة تعكس ظلالًا كئيبة ترقص في صمت.
– "لماذا أشعر أنني أسير نحو قبري؟"
همس لنفسه، وصوت خفي ردّ:
– "لأنك في الحقيقة لا تسير وحدك."

نظر خلفه، فشاهد امرأة بثوب أسود تقف على بعد أمتار. لم يرَ وجهها، لكن شعرها الأسود الطويل بدا كستار يخفي كل شيء. ارتجف قلبه، لكنه واصل السير.

المشهد الثاني: صوت من العدم

كلما اقترب من شقته، ازدادت الهمسات:
– "سليم… تعال… الباب مفتوح."
أغلق أذنيه بيديه، لكن الكلمات كانت تتسلل لعقله، تدق على ضلوعه كقرع نعش. شعر أن ظلالًا تزحف خلفه، تلتف حول روحه كخيوط عنكبوت مظلمة.

فتح باب شقته، وكل شيء فيها بدا مألوفًا… ومخيفًا. رائحة العفن عادت أقوى من قبل. على مكتبه وجد الورقة الثالثة. حبرها أسود ولامع، وكأن الدم ذاته هو من كتبها:
"من يقرأني… يصبحني."

المشهد الثالث: سقوط في الجنون

جلس على الأرض، عرقه يتصبب، ويداه ترتعشان. حاول تمزيق الورقة، لكن أصابعه تجمدت. شعر أن الكلمات في الورقة تنبض كقلب حي.
– "أنا… أكتبني… أنا أكتبني…"
صرخ، لكن صوته ابتلعته جدران الشقة. المرآة في الزاوية عكست وجهه، لكنه بدا شاحبًا، كأن شخصًا آخر يسكن جلده.

وفجأة، رأى انعكاس المرأة ذات الثوب الأسود خلفه. لم تتحرك، فقط كانت تنظر، وعيناها مليئتان برعب أبدي.
– "من أنت؟!"
لكنها لم تجب. فقط رفعت يدها، وأشارت إلى الورقة.

المشهد الرابع: الكتابة على الجدران

حين اقترب من الورقة الثالثة، شعر بيد خفية تدفعه للكتابة. مسك قلمًا لم يعرف من أين جاء، وبدأ يكتب بلا وعي:
"أنا الذي كتب الرسالة… أنا الذي بدأ هذا الطريق… وكل ما أراه اليوم كان في قلبي منذ زمن بعيد."

توقف فجأة، وهو يلهث. لم يفهم ما كتبه، لكنه شعر بطمأنينة غريبة، وكأن جزءًا من روحه وجد مكانه أخيرًا.
لكن صدى صوت المرأة عاد، أكثر وضوحًا من قبل:
– "لا تنسَ… الطريق طويل… والظلال تنتظر."

خاتمة الفصل

وضع سليم الورقة الثالثة في جيبه، وخرج من شقته. الليل صار أعمق، والمدينة تحولت إلى متاهة من ظلال وأصوات. عرف أن عليه أن يعود إلى الطابق السفلي من جديد، حيث كل شيء بدأ… وحيث سينتهي كل شيء.

 

خاتمة القصة: همسات الظلال

خرج سليم من شقته، والهواء البارد يلف جسده كسيفٍ من صقيع. في عينيه، تراقصت صورٌ مبهمة: أوراق تُكتب وحدها، أبوابٌ تفتح على عوالم لا تنتمي للواقع، وهمساتُ امرأةٍ لم يعرف إن كانت حيّةً أم ظلًّا من ماضيه.

مشى في الأزقة المظلمة، والمدينة التي كانت مألوفةً صارت الآن متاهةً تعجّ بالظلال. شعر بأن كل خطوةٍ يخطوها تكتبهُ من جديد، وكأن قلبه صار كتابًا آخر من كتب المكتبة القديمة. همس لنفسه، بصوتٍ بالكاد يسمعه:
– "هل أنا الذي أكتب… أم أنا الذي يُكتب؟"

من بعيد، لمح ضوءًا شاحبًا يتلألأ عند باب الطابق السفلي. عرف أن عليه أن يعود، أن يواجه الرسالة الأخيرة التي تنتظره هناك. لم يعد يملك شيئًا يخسره… ولا شيئًا يخافه.

وقف أمام الباب، وضع يده على المقبض البارد، وأغمض عينيه. في صدره، كان قلبه يخفق كأنه يكتب آخر سطرٍ في قصته. فتح الباب، فاندفع نحوه ظلامٌ كثيف، التفَّ حوله كعناقٍ أبديّ.

في الداخل، سمع صدى صوته يهمس في الظلام:
– "أنت الذي كتبتني… وأنت الذي ستنهي كل شيء."

وهكذا… انطفأ الضوء الأخير، وبقيت المدينة تكتب قصتها الجديدة بدماء من يجرؤ على قراءة الرسالة التي كتبت نفسها.

النهاية… أم البداية؟
🔮✨

أبو ياسر المغربي
أبو ياسر المغربي
تعليقات