قصص قصيرة واقعية: درجات النجاح

قصص قصيرة واقعية: درجات النجاح

قصص قصيرة واقعية: درجات النجاح
قصصي بالعربي


الفصل الأول: الرسالة المجهولة

مقدمة الفصل

لم يكن ذلك اليوم عاديًا. السماء ملبدة بالغيوم، والرياح تعصف بأوراق الخريف اليابسة كما لو كانت تهرب من شيء لا يُرى. في قلب ذلك الجو الرمادي، كان "نادر" يفتح درج مكتبه القديم في غرفة منعزلة داخل المدرسة المهجورة التي يعمل فيها حارسًا ليليًا.

جسد الفصل

منذ أن طُرد من كلية الهندسة قبل عشر سنوات، قرر الابتعاد عن كل ما يذكّره بالعلم والنجاح. لكنه في تلك الليلة، وبين الغبار والدفاتر المتآكلة، وجد ورقة صفراء مكتوب عليها بخط واضح:
"كل من يجتاز الاختبار، ينال النجاح... لكن الثمن ليس كما تظن."
لم تكن موقعة، ولم يُفهم من كتبها أو لمن كُتبت. لكن نادر شعر بقشعريرة تزحف على رقبته. لم يكن وحده. صوت خافت أشبه بالهمس تسلل من الزاوية المظلمة: "هل ستخوضه؟"
التفت فجأة، لم يكن هناك أحد... سوى سبورة قديمة، رُسم عليها جدول دراسي، كتب عليه بخط طباشيري أحمر: الاختبار يبدأ الساعة ١٢ منتصف الليل.

خاتمة الفصل

كان الوقت يشير إلى ١١:٥٧. والسبورة بدأت تلمع بوميض خافت كأنها تنبض بالحياة. فهل يبدأ الاختبار فعلًا؟ وهل هناك من يراقب؟

الفصل الثاني: القاعة المغلقة

مقدمة الفصل

دفع نادر الباب ببطء، صريره بدا كأنين طويل امتد عبر الزمن. القاعة التي دخلها كانت تشبه فصلاً دراسيًا قديمًا، لكن شيئًا ما لم يكن طبيعيًا في الأجواء.

جسد الفصل

رائحة الطباشير المختلطة بالرطوبة ضربت أنفه بشدة. الأضواء الخافتة كانت تصدر من مصابيح غير موصولة بالكهرباء. وعلى كل مقعد، وُضع دفتر اختبارات ومسطرة من خشب داكن محفور عليها اسم طالب.
وعندما اقترب نادر من أول مقعد، قرأ الاسم: نادر حسن – الصف الأخير.
لم يتذكر يومًا أنه جلس في هذا الصف. وعندما جلس، سمع صوتًا قادمًا من مكبر صوت خفي:
"سؤال أول: كم مرة خنت حلمك؟"
لم يكن سؤالًا عادياً... بل أشبه بطعنة في القلب. أحس نادر بألم حقيقي في صدره. ارتجف قلمه حين حاول الكتابة. لكن كلما كتب، اختفى الحبر من الورقة.
ثم سمع ضحكة خافتة خلفه... وعندما التفت، رأى ظلًا يقف خلف الزجاج، يرتدي زي المعلمين القدامى، يراقبه بصمت.

خاتمة الفصل

بينما يحاول نادر النهوض، وجد الدفتر قد اختفى. مكانه ظهرت ورقة جديدة تقول: "السؤال الثاني ينتظرك في المختبر." فهل المختبر ما يزال موجودًا؟

الفصل الثالث: ظلال الماضي

مقدمة الفصل

كان المختبر في الطابق السفلي من المدرسة، لم تطأه قدم منذ عشر سنوات. لكن المصابيح كانت تعمل، وكأن المكان يعيش رغم موته.

جسد الفصل

عندما نزل نادر الدرج، كانت الجدران تُصدر أصوات نبض، كأن المبنى يملك قلبًا نابضًا. فتح باب المختبر بحذر، فاندفعت رائحة كيميائية خانقة تغلف المكان.
الأجهزة القديمة كانت تعمل. على أحد الطاولات، وضع جهاز تحليل ذبذبات... يعرض شيئًا يشبه المخ البشري يتحرك.
وسمع الصوت ذاته من جديد:
"سؤال ثاني: ماذا صنعتَ بذكائك حين كان لديك؟"
لم يجد جوابًا. الصور على الجدران تغيّرت فجأة، ظهرت فيها صور له أيام الجامعة، يقف في قاعة الامتحان، عيون زملائه مليئة بالأمل، بينما عيناه كانت تتهرب من ورقة الأسئلة.
وبين الصور، كانت صورة واحدة لا تُصدق: نادر يقف أمام قبره.

خاتمة الفصل

ارتج جسده بالكامل. وعندما حاول الهرب من المختبر، وجد الباب مغلقًا... والجدران تهمس: "الهروب ليس خيارًا. لا تنجح دون ثمن."

الفصل الرابع: الامتحان الأخير

مقدمة الفصل

بعد محاولات مرعبة للهروب، عاد نادر إلى القاعة الأولى. وجدها مختلفة، مليئة بمرايا ضخمة تُظهر مشاهد من ماضيه: فشله، كذبه، هروبه، خيانته لذاته.

جسد الفصل

في منتصف القاعة، كان كرسي جلدي وحيد تحت ضوء ساطع. جلس عليه مضطرًا. فوقه، تدلّت ساعة عملاقة تُصدر صوتًا يشبه دقات القلب.
ثم ظهر الصوت:
"سؤال أخير: هل تستحق فرصة جديدة؟"
بدأت المرايا تتكسر واحدة تلو الأخرى. كل مرآة تُسقط شظايا تحمل وجوه أشخاص كان نادر قد خذلهم في حياته.
كان يبكي، لا يدري إن كان بكاء ندم، أم خوف، أم كلاهما.
وأخيرًا... انطفأت الأنوار، وساد الظلام.

خاتمة الفصل

عندما استيقظ، وجد نفسه في فراشه... لكن ليس في غرفته. كان على مقعد في مدرج جامعي، وحوله طلاب، وأمامهم دكتور يقول:
"نبدأ الآن الاختبار النهائي. الورقة أمامكم."
هل حلم بكل شيء؟ أم أن الاختبار الحقيقي بدأ الآن؟ وهل نجاته مرهونة بإجاباته هذه المرة؟

النهاية: درجات النجاح


في الحياة، ليست كل الاختبارات ورقية. بعضها داخل الروح. وبعضها الآخر يعاقبك إن تهربت منه طويلًا.
"نادر" لم يعد كما كان. عيناه صارتا تعرفان قيمة النجاح حين يُدفع ثمنه من الندم والمواجهة. وأنت، إن جاءك اختبارٌ في منتصف ليلك، فهل ستجيب... أم تفرّ؟
أبو ياسر المغربي
أبو ياسر المغربي
تعليقات