رحلة عبر الثقوب السوداء
🌌 المقدمة: نداء من قلب السكون
في زاوية بعيدة من هذا الكون المترامي، حيث تنطفئ النجوم وتُدفن قوانين الفيزياء في صمتٍ رهيب، تتربّص الثقوب السوداء بكل ما يقترب منها… أو هكذا اعتقدنا.
🛰 الفصل
الأول: نداء من الظلام
🛑 إشارة من لا مكان
كان
الليل فوق محطة ألفا-تيرا مطبقًا، رغم أن المحطة ذاتها تدور في فراغ لا ليل فيه
ولا نهار. الضوء الصناعي الخافت في الممرات ينحني على جدران معدنية باردة، بينما
الصمت يلف المكان ككفن.
وفجأة…
دوّى إنذار إلكتروني خافت، كأن المحطة تنبّهت لنبض في صدر الفراغ.
في
غرفة المراقبة، جلست العالمة ليلى أركان تحدّق في الشاشة أمامها. نقطة
صغيرة بدأت ترِفّ كنبض، قادمة من مركز المجرة… من مكان مستحيل… من داخل ثقب
أسود.
مستحيل… هذه البيانات حية!
كانت
الإشارة تحمل رموزًا بدت في البداية مشوشة، لكن بعد تحليل أولي، ظهرت الحقيقة
الصادمة: الشيفرة تحمل تسلسلاً جينيًا بشريًا. ليس أي بشر… بل مطابق للبشر من كوكب
الأرض.
🚀 تشكيل بعثة أوديسا 9
عُقد
الاجتماع الطارئ على الفور. حضره كبار العلماء، وخبراء الفيزياء الكونية، وممثلو
التحالف البشري الموحّد.
تحدث
القائد راين كورفن بصوته الجهوري:
لدينا نافذة زمنية محدودة. نحتاج إلى
مركبة خاصة، وفريق غير اعتيادي.
وهكذا
انطلقت أوديسا 9، ليست مجرد سفينة، بل كيان حيّ يحتوي على مختبرات تحليل كمومي،
مجال جاذبي مضاد، وبرنامج ذكاء صناعي يُدعى نَوس.
🛸 الإقلاع نحو المجهول
في
لحظة الإقلاع، عمّ صمتٌ لا تفسّره الفيزياء. كانت الأرض تحتفل، لكن طاقم أوديسا 9
لم يشاركهم الفرح.
كانت
الأرض تتراجع وراءهم كضوءٍ خافت، وكأنهم يُقلعون عن بشريةٍ كاملة، لا عن كوكب فقط.
قالت
نُورا بصوت منخفض وهي تنظر عبر النافذة:
هل تشعرون بهذا؟ الهواء… كأنه فقد
نكهته.
💡 الشك في المهمة
أجابته
ليلى بنظرة ثابتة:
حتى لو كان ذلك، يجب أن نعرف.
المعرفة، جيسون… أحيانًا تستحق المخاطرة.
هناك أشياء… لا تُقال إلا عندما نصل.
🎯 خاتمة الفصل الأول: اقتراب الأفق
نظر
الجميع إلى الشاشة، حيث بدأت الحواف تتشوه، والزمن يتباطأ.
قالت
نُورا وهمستها ترتجف:
إنه… ينظر إلينا.
زمنٌ
لا يُقاس بالثواني… بل بالاختيار.
🌌 الفصل الثاني: العبور
🌀 دخول الأفق الحدثي
عند
اللحظة التي اجتازت فيها أوديسا 9 أفق الحدث، بدا كما لو أن قوانين الكون قد
انكسرت أمام أعينهم.
كل
شيء… تغير.
صرخ
جيسون وهو ينظر إلى ذراعه:
جسدي… يتمدد! لا… يتجزأ!
لكن
ليلى، بعينٍ شبه جامدة، تمتمت:
هذا ليس جسدك… بل إدراكك له… نحن لا
نتحطم، بل نتحوّل.
⏳ تمزّق الزمن
في
داخله، الثقب الأسود لم يكن ساحة خراب كما توقعوا… بل ممرات زمنية متداخلة.
لا ترتكب خطئي… لا تفتح البوابة
الثانية …
نُورا
بدأت تسمع أصواتًا… ليست بشرية، بل تردّدات ذبذبية تدغدغ الوعي كما لو كانت تحاول
فك شيفرة العقل ذاته.
حتى نَوس،
الذكاء الاصطناعي، بدأ يتصرف بغرابة، يكرر عبارات غير مكتملة:
هذا… ليس… ثقبًا… إنه… انعكاس…
انعكاس
لماذا؟ لم يُكمل.
🌍 عوالم موازية
لقد تأخّرتم… كنا ننتظر منذ أزمانٍ
لا تُحسب.
أحسّت
ليلى بوخزٍ في ذاكرتها… وكأنها تعرف هذا الصوت من قبل.
🔓 كشف السر
في
قاعة بيضاوية شفافة وسط المدينة، قادهم الكائن إلى قبة زجاجية تنبض بضوء أزرق.
ظهرت
أمامهم صورة لرجل بشري الملامح… إنه الدكتور إريك مورغان، الذي اختفى منذ
110 أعوام خلال أول محاولة لعبور ثقب أسود.
قال
الصوت مجددًا:
لقد لم نمت… لقد أصبحنا شيئًا آخر.
نحن رسالتكم القادمة.
قال
جيسون بصوت مبحوح:
إذن هذه ليست نهاية الرحلة عبر الثقوب السوداء… بل بدايتها؟
أجاب
الكائن:
بل هي ولادة… لعقل جديد.
🧠 خاتمة الفصل الثاني: وعي ما بعد الزمن
قالت
ليلى، وهي تمسح بيدها على الرمل البنفسجي:
لم نعد
كما كنا… ولا العالم كما عرفناه.
أدركوا
أنهم أمام خيارين: العودة إلى الأرض بكل ما عرفوه، أو البقاء هنا، والانصهار مع
هذا الشكل الجديد من الوجود.
لكن
السؤال الذي ظل عالقًا في أعماقهم…
وهنا…
بدأ الجواب يتشكل، لا بالكلمات… بل بما لا يُقال.
🔥 الفصل الثالث: العودة المستحيلة
🚪 الخيار الحاسم
مرت
سبعة أيام على طاقم أوديسا 9 داخل الفقاعة الزمنية، لكنها بدت كسبعة أعوام.
في
قاعة الضوء، دعتهم الكائنات المتحوّلة لاجتماع أخير.
تكلم
كبيرهم – الذي كان فيما مضى يُدعى إريك مورغان:
⚖️ صراع
الإرادة
انقسم
الفريق بسرعة.
لكن نُورا،
بعينين دامعتين، أجابت:
في
الألم معنى… وفي الفقدان إنسان. لا أريد أن أصبح فكرة… أريد أن أعيش، بخوفي، بشكي،
ببشريتي.
أما ليلى،
فكانت تمشي وحدها عند حواف القبة، تنظر إلى الأفق البنفسجي، وكأنها ترى ما وراءه.
وفي
المساء، تحدث إليها القائد كورفن:
ليلى…
أنت من سيقرر. المركبة لن تُفعّل إلا بأمرك. البوابة لن تُفتح إلا بك.
سألته
بصوت خافت:
لماذا
أنا؟
أجابها:
لأنك
الوحيدة التي لم تنسَ من أين أتينا… ومن نحن.
💥 القرار الأخير
وقفت
ليلى أمام نَوس، نظام الذكاء الاصطناعي، وأدخلت شيفرة العودة.
تقدّم
كورفن، بابتسامة هادئة:
احتضنها
بسرعة، ثم دخل إلى غرفة التشغيل.
🌠 ولادة أسطورة
على
الأرض، مرّت عشر سنوات.
العلماء
أصيبوا بالذهول من الكمّ المعرفي الذي تحمله السفينة. نظريات جديدة، طاقة لا
تُستهلك، وشيفرات تمسّ الزمن نفسه.
أما
ليلى… فرفضت كل المقابلات. كانت تمشي كل مساء قرب البحر، تراقب غروب الشمس… وكأنها
تنتظر أن يعود أحدهم من الفضاء.
قالت
في مذكّراتها:
🎓 المستفاد من القصة:
- الرحلة
عبر الثقوب السوداء ليست
مجرد مغامرة فيزيائية، بل رحلة داخل الوعي البشري.
- الاختيار
هو ما يميزنا عن الظلال… لا المعرفة وحدها.
- حتى داخل
الفراغ الكوني، تبقى الإنسانية هي الجاذبية الحقيقية.
🧩 الخاتمة العامة:
في
زمنٍ تتسارع فيه الاكتشافات، وتتمدد فيه حدود الفهم، تظل القصص التي نرويها عن
أنفسنا هي البوصلة.